فهذه القاعدة قاعدة مهمة، ولها فروع كثيرة جدًّا، ومبناها على حديث أبي هريرة وعبد الله بن زيد في الرَّجُل يجد الشيءَ في بطنه، ويُشْكِلُ عليه هل خرج منه شيء أم لا؟ قال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم:«لَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا، أَوْ يَجِدَ رِيحًا».
وفي حديث أبي هريرة:«لَا يَخْرُجْ»، يعني: من المسجد، «حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا»، مع أن القرينة -قرينة الحَدَثِ- موجودةٌ، ما هي؟ ما في بَطنِهِ من القرقرة والانتفاخ مثلًا موجودة، ومع ذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم:«لَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا، أَوْ يَجِدَ رِيحًا».
وهذا الحديث على أنه ورد في مسألة جزئية من الدين ينبني عليه أشياء كثيرة؛ في الطلاق، وفي العقود، وفي أشياء كثيرة، يعني يتفرع عليه فروع كثيرة جدًّا، وهذا من بركة كلام النبي صلى الله عليه وسلم وحُكْمِه، أنه تنحل به إشكالات كثيرة.
وهذا في الحقيقة مِن يُسْر الإسلام، ومن كون الإسلام يريد من أمة الإسلام ألَّا يكونوا في قلق وحيرة، وأن تكون أمورهم واضحة جلية؛ لأن الإنسان لو استسلم لمثل هذه الشكوك لتنغَّصت عليه حياته؛ إذ إن الشيطان لن يُفْلِتَه حتى يقتصر الأمر على مسألة الطهارة، سوف يأتيه في الصلاة، سوف يأتيه في الصوم، سوف يأتيه في كل أحواله، في كل تصرفاته، حتى فيما بينه وبين زوجته.
فالشارع والحمد لله قطع هذه الوساوس، اترك، ما دُمْت لم تتيقن فهذه الوساوس يجب أن تدفنها وتقبُرها، ولا تجعل لها أثرًا على نفسك، ومعلوم أن الإنسان إذا اتخذ هذه القاعدة استراح من إشكالات كثيرة، واطمأنت نفسه، وزالت عنه الظلمة التي تحصل له بالوساوس والشكوك، عرفتم؟