الشيخ: واضح، هذا أحد الأجوبة التي أجاب بها مَن قال: إنه لا زكاة.
قال: هذه الأحاديث محمولة على ما قبل التحريم؛ يعني: حين كان التحلِّي حرامًا، وهذا يحتاج إلى أمرين كما تعملون؛ يحتاج إلى إثبات أنه وقع التحريم أولًا، ثم إلى إثبات النسخ، فإذا ثبت هذا، فيمكن أن يجاب به، ثم إن هذا الحديث لا يدل على التحريم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقر اللبس، وإنما أوجب الزكاة وَتَوَعَّدَ على مَنْ لم يزكِ، فلا يستقيم هذا الجواب.
الطالب: ثم إن النسخ يحتاج إلى معرفة التاريخ، ولا يثبت ذلك بالاحتمال، ثم لو ..
الشيخ:(ذلك) المشار إليه: النسخ، لا يثبت بالاحتمال، يقال: يُحْتَمل إنه منسوخ، طيب، ما يكفي هذا، لا بد أن نعلم تأخر الناسخ؛ لأن للنسخ شرطين لا بد منهما:
الأول: تَعَذُّر الجمع، فإن أمكن الجمع بأي وجه من وجوه الجمع، كالتخصيص مثلًا أو التقييد أو ما أشبه ذلك فإنه لا يُصار إلى النسخ؛ لأن النسخ أمره عظيم؛ إذ إنه إثبات رد أحد النصين، ما هو هين، النسخ معناه أنك لغيت أحد النصين، أهدرته ورددته، وهذا يحتاج إلى ثبوت هذا الأمر، فلا بد من شرط آخر وهو معرفة أن هذا بعد هذا؛ يعني أن ما ادُّعي أنه ناسخ يكون بعد ما كان منسوخًا، فإن لم نعلم فإنه لا نسخ، لكن ماذا يكون موقفنا إذا لم يثبت النسخ وتعذر الجمع؟
نرجع إلى طريق آخر قبل التوقف؛ الترجيح، ننظر أيهما أرجح، وطرق الترجيح معروفة عند الأصوليين وعند المحدثين، فإن لم يتبين الترجيح، فحينئذ يجب التوقف، فنقول: الله أعلم.
ولكن هذا عمليًّا قد يكون مشكلًا؛ لأن العاميَّ ما يرضيه أن تقول أنا متوقف، يقول: أفتنا.
فماذا نعمل في هذه الحال؟
الظاهر -والله أعلم- أننا نلجأ إلى الاجتهاد ونأخذ بالاحتياط، أو بما يطابق الشريعة، فالذي يطابق الشريعة هو الأسهل، والاحتياط هو الأثقل.