لكن لنا أن نقول: إن الغاية فيها داخلة، بدليل السنة، فإنه ثبت أن أبا هريرة رضي الله عنه توضأ حتى أشرع في العضد، وقال: هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفعل. والإشراع في العضد معناه أن المرفق دخل، وكذلك روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه توضَّأ فأدار الماء على مرفقيه (٥).
ثم قد يقول قائل: إن الغاية لا تدخل إذا ذكر ابتداء الغاية (من)، وأما إذا لم يذكر فإنها تكون داخلة، ولهذا لو قال قائل: هل الأفضل في غسل اليد أن تبدأ من الأصابع، أو أن تبدأ من المرفق، أو من وسط الذراع؟
طالب: من الأصابع.
الشيخ: كيف ذلك ليش؟
طالب: واجب؛ لأن في اللغة تطلق على اليد من الأصابع إلى ..
الشيخ: إي، هو الدخول واجب، لكن من أين تبدأ ( ... ) من أطراف الأصابع ولّا من نصف الذراع وتروح للأصابع ثم ترجع وإلا من المرفق؟
طلبة: من أطراف الأصابع.
الشيخ: ليش؟
طالب:{إِلَى}.
الشيخ: لقوله: {إِلَى}، لكن قد يقال: إن الله ما قال: (من) ولا بد من الإتيان بـ (إلى) لأنه لو قال: اغسلوا أيديكم لكان الواجب غسل الكف فقط أو لا؟
لأن اليد إذا أطلقت فهي الكف؛ بدليل قوله تعالى:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيدِيَهُمَا}[المائدة: ٣٨]، وقطع يد السارق من الكف، وكذلك قوله في التيمم:{فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ}[المائدة: ٦]، واليد في التيمم إلى الكف؛ بدليل فعل الرسول عليه الصلاة والسلام؛ حيث تيمم إلى الكف.
وأقول: ليس هذا في الظهور عندي جيدًا؛ لأن من الابتداء ما ذكر والانتهاء، لا بد من ذكره، حتى نعرف منتهى الواجب، وإن تمسك متمسك بالظاهر - الذي ليس بظاهر - وقال: أنا أرى أن الأفضل أن تبدأ بالأصابع، فأرجو ألا يكون فيه بأس.
طالب:( ... ).
الشيخ: غسلناها -بارك الله فيك- من الأول قبل الوجه. على كل حال المسألة في هذا لا أذكر شيئًا في السنة يدل على ذلك، والآية ليست ظاهرة فيه.