للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: الحاجبان والأهداب والشارب والعنفقة والعارضان واللحية، كل هذا من شعر الوجه، وربما ينبت شعر في غير ذلك، لكن هذا الشعر المعتاد، فيجب أن يغسل الشعر الخفيف، والظاهر من الكثيف، وأما الباطن منه فلا يجب غسله، لماذا؟ لأن المواجهة ما تكون إلا في ظاهر الكثيف، ولكن سبق لنا أنه يستحب تخليل الشعر الكثيف ولّا لا؟ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يخلل لحيته في الوضوء (٤).

قال: (مع ما استرسل منه)، استرسل يعني نزل. وظاهر كلام المؤلف، ولو نزل بعيدًا، فلو فرض أن لرجل لحية طويلة أكثر مما هو غالب في الناس، فإنه يجب عليه غسل الخفيف منها، وغسل الظاهر من الكثيف.

وقال المؤلف: (ثم يديه مع المرفقين)، قوله: (ثم يديه) اليمنى ثم اليسرى، ولم يذكر هنا اليمنى ثم اليسرى لأنه سبق في سنن الوضوء أنه يسن البداءة باليمين.

يغسل يديه (مع المرفقين)، كلمة (مع) لا توافق تعبير الآية؛ لأن الله عز وجل يقول: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: ٦] وتعبير المؤلف مخالف لظاهر الآية؛ لأن ظاهر الآية {إِلَى الْمَرَافِقِ} أن المرافق لا تدخل؛ لأن المعروف أن ابتداء الغاية داخل لا انتهاءها، فإذا قلت لك: من هذا إلى هذا فما دخلت عليه (من) فهو لك، وما دخلت عليه (إلى) فهو ليس لك، هذا هو القاعدة المعروفة عند أهل العلم، لكن قالوا: إن (إلى) هنا بمعنى (مع) وجعلوا نظير ذلك قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} [النساء: ٢]، أي: مع أموالكم. ولكن هذا التنظير فيه نظر؛ فإن الآية في المال ليست كالآية في الغسل؛ لأنه معروف قال: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} مضمومة إلى أموالكم معروف واضح؛ لأنه ما يأكل الإنسان مال غيره إلا إذا ضمه إلى ماله.

فالآية ضمن قوله: {لَا تَأْكُلُوا} ضمن معنى الضم، أما آية الوضوء فليست كذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>