نقف عند هنا ونقول: ما هو العمد؟ العمد أن يقصد من يعلمه آدميًّا معصومًا فيقتله بما يغلب على الظن موته به، هذا هو العمد، ونضيف إلى ذلك على المذهب: أو يجرحه بما له نفوذٌ في البدن فيموت به. هذا هو تعريف العمد على المذهب، وهو المذكور في قوله تعالى:{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ}[النساء: ٩٣] إلى آخره، هل من العمد أن يلقيه في ماءٍ يغرقه ولَّا لا؟ نعم من العمد، لكن بشرط أن يكون غير عارفٍ في السباحة، أما إذا كان عارفًا بها والماء لا يغرقه مثلًا لقصر مساحته، فهذا ليس بعمد، لكن لا يلقيه في البحر لو هو متعلم، في بحر بعيد عن الساحل، وهو وإن كان متعلمًا بالسباحة، فإن ذلك يميته يكون عمدًا.
طيب؛ ألقاه في حضرة الأسد، أمام الأسد؟
طالب: عمد.
الشيخ: عمد، بس مين اللي قاتل؟ اللي قاتل الأسد، لكن الأسد لا قصد له، إلا أنهم اشترطوا في هذه المسألة أن يلقيه مكتوفًا بحضرة الأسد.
طالب: جوعان.
الطلبة:( ... ).
الشيخ: أنتم تعرفون قصة جحدر بن مالك الذي حبسه الحجاج، وهو كان خارجًا عليه، وحبس أسدًا لمدة سبعة أيام ما يأكل، وقال لجحدر بن مالك: أنا سأغل إحدى يديك، وأعطيك السيف باليد الأخرى، وألقيك بين يدي هذا الأسد، إن نجوت منه نجوت وإن أكلك استرحنا منك، فقال: لا بأس، ما فيه مانع، فغل إحدى يديه وأعطاه السيف باليد الأخرى، وأبقاه في مكان وأرسل عليه الأسد، الأسد أقبل له زئيرٌ عظيم، يبغي يأكل ها الإنسان، لما قفز عليه ليأكله وإذا السيف بيد جحدر فضربه في لبته فخر الأسد صريعًا، هذا مع أنه مكتوف بيدٍ واحدة، فهم يقولون: إن الإنسان يمكن أن يتخلص من الأسد إذا كان يمكن بيد، فيمكن بيدين.
المهم على كل حال العلماء يقولون: ما يصير عمدًا إلا إذا أبقاه مكتوفًا بين يدي الأسد، أما غير مكتوف فيكون شبه عمد.