(أو حفر بئرًا فوصل إلى الماء)، فإن هذا إحياء، لكن ما الذي يملكه بحفر البئر؟ إن كانت البئر للوِرْد ونحوه فإنه يملك حريمها، وسيأتي -إن شاء الله- بيان ذلك، وإن كانت لسَقْيِ الأرض كبئر الزراعة فإنه يملك ما أجرى عليه الماء، كل ما أجرى عليه الماء يملكه، أفهمتم؟
الثالثة:(أو أجراه إليه من عين أو نحوها)، (أجراه) أي: أجرى الماء إلى الموات، (من عين أو نحوها) كالنهر، فإنه يحصل به الإحياء، ولكن ما الذي يُمْلَك؟ كل ما جرى عليه الماء فهو إحياء.
هذه ثلاث مسائل.
الرابعة يقول:(أو حبسه عنه ليُزْرَع) فقد أحياه، كيف حبسه عنه؟ يعني: هذه أرض الماء فيها كثير لا تصلح للزرع، إذا زُرِعَ فيها غرق الزرع، فكيف يُحْيِيها؟ يُحْيِيها أن يحبس الماء عنها، إذا حبس الماء عنها لتصلح للزرع فكل مَن حبس عنه الماء فإنه يعتبر أيش؟ مُحْيًا يملكه صاحبه، فانظر الآن إجراء الماء إلى الأرض إحياء، ومنع الماء عن الأرض إحياء؛ لأن المقصود أن تتهيأ الأرض للزرع.
قال أهل العلم أيضًا، زادوا، قالوا: وكذلك لو كان فيها أشجار لا يمكن أن تُغْرَس معها أو تُزْرَع فأزال الأشجار فهو إحياء، وكذلك لو كان فيها أحجار متراكمة عليها لا تصلح مع هذه الأحجار للزرع، ثم أزال الأحجار ونقَّاها فهذا إحياء.
من العلماء مَن يقول: يُرْجَع في هذا إلى العُرف، ما عَدَّه الناس إحياء فهو إحياء، وما لم يَعُدُّوه إحياء فليس بإحياء، وعلَّلُوا هذا بعلة قوية، قالوا: إن القاعدة عندنا أن كل ما أطلقه الشارع وليس له حد في الشرع فمرجعه أيش؟
طلبة: إلى العرف.
الشيخ: إلى العرف، فما عَدَّهُ الناس إحياء فهو إحياء، وما لم يعدوه إحياء فليس بإحياء، وهذا القول لا يَبْعُد عما قاله المؤلف -رحمه الله- لكن ربما تتغير الأحوال وتختلف.
لو غرس على أرض واسعة كبيرة، غرس عليها أشجارًا كالجدار، هل يملك ما كان داخل هذه الأشجار؟