فإن شُرِطَ على الزوج عند العقد أنها تستخدم نفسها فلا بأس، المسلمون على شروطهم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ أَحَقَّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ»(١)، وهذا يقع كثيرًا في الآونة الأخيرة؛ لأن من النساء مَن تكون معلِّمة أو دارسة، فإذا تزوَّجت ولم يُذْكَر في الشرط أن الزوج يُمَكِّنُها من التدريس أو الدراسة فله منعها من ذلك، وأما إذا اشْتُرِطَ عليه فالمسلمون على شروطهم.
وقول المؤلف:(لا تُؤْجِر نفسها) يخرج بذلك ما لو استُؤْجِرَت على عمل مشترك، بمعنى: أَجَّرْنَاها مثلًا أن تخيط ثوبًا، أو تخصف نعلًا، أو ترقع ثوبًا، أو ما أشبه ذلك، فهنا لم تُؤَجِّر نفسها؛ لأن المستأجر لها لا يملكها، إنما استأجرها على أيش؟ على عمل، وهذا فيه تفصيل:
إن كان يشغلها عن حقوق زوجها فإنه لا يحل لها إلا بإذن الزوج، وإن كان لا يشغلها فلا بأس، فإذا قدَّرْنا أن هذه امرأة لها زوج موظف في أول النهار ليس موجودًا عندها، واستُؤْجِرَت لخياطة ثوب تخيطه في وقت غيابه عن البيت دون أن تُقَصِّر بأعمال البيت، فهذا جائز؛ لأنه ليس على الزوج ضرر في هذا.
وكذلك لو كان الزوج غائبًا واستُؤْجِرَت لتخيط ثوبًا أو تغسله، أو ما أشبه ذلك، فلا بأس؛ لأنه في هذه الحال لا يضيع شيء من حق الزوج.
فإن أَجَّرَت نفسها في حال غياب الزوج فظاهر كلام المؤلف أن ذلك لا يجوز؛ لقوله:(لا تؤجر نفسها)، وهو -كما هو ظاهر الكلام- لا يجوز؛ لأنه قد لا يرضى الزوج أن تخرج من بيته وإن كان غائبًا، فلا تُؤَجِّر نفسها مطلقًا إلا بإذن الزوج.
أما استئجارها على عمل فقد عرفتم أن في ذلك تفصيلًا، وهو أنه إذا كان لا يضيع به حق الزوج؟ أَتِمّ.
طالب: صح.
الشيخ: فلا بأس، فهو صحيح، فالإجارة صحيحة، وإن كان يضيع به حق الزوج فلا بد من إذنه.