للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (١): عن معمر، عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه قال: "كنت مع حذيفة بالمدائن، فاستأذنته أن آتي أهلي بالكوفة، فأذن لي وشرط عليّ أن لا أفطر ولا أصلي ركعتين حتى أرجع إليه، وبين الكوفة والمدائن سبعة وعشرون فرسخًا".

وأما ما روي عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - فأخرجه بإسناد حسن جيد، عن أبي بكرة، عن رَوْح بن عبادة، عن شعبة، عن حَيّان -بفتح الحاء المهملة وتشديد الياء آخر الحروف- بن إياس البارقي الأزدي، ذكره بن حبان في "الثقات"، ونسبته إلى بارق جبل باليمن نزله سَعْد بن عدي بن حارثة بن عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء.

قوله: "من بَعْث أهل العراق" أي من جيشهم، والبعوث: الجيوش، يقال: كنت في بعث فلان، أي: في جيشه الذي بُعث معه.

ص: ولكل واحدٍ منهم في مذهبه الذي ذهب إليه معنًى سنُبيّنهُ في هذا الباب ونذكر مع ذلك ما يجب له من طريق النظر وما يجب عليه أيضًا من طريق النظر إن شاء الله تعالى.

فأما عثمان بن عفان - رضي الله عنه - فالذي ذكرنا عنه من ذلك هو إتمامه الصلاة بمنى، فلم يكن ذلك لأنه أنكر التقصير في السفر، كيف يتُوهم ذلك عليه وقد قال الله -عز وجل- {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} (٢) الآية.

فأباح الله لهم القصر في هذه الآية إذا خافوا أن يفتنهم الذين كفروا، ثم أخبرهم رسول الله - عليه السلام - أن ذلك واجبٌ لهم، وإن أمنوا في حديث يعلى بن مُنية الذي روينا عنه عن عمر- رضي الله عنه - في أول هذا الباب، وصلى رسول الله - عليه السلام - بمنى


(١) "مصنف عبد الرزاق" (٢/ ٥٢٧ رقم ٤٣٠٨).
(٢) سورة النساء، آية: [١٠١].

<<  <  ج: ص:  >  >>