وهو ظاهر قول مالك في "الموطإ"، والطين والظلمة عند مالك كالمطر، وقد جاء عنه ذكر الطين مجردًا.
والمرض عند مالك كالسفر وقال ابن قانع: لا يجمع المريض. وقال مالك أيضًا: يجوز الجمع لأجل الخوف، وعن ابن القاسم فيه روايتان، وفي "الحاوي" في فروع الحنابلة: ويجوز الجمع ليلًا لأجل المطر الذي يبل الثياب أو نعله أو بدنه، ولثلج بَرَدٍ وفي الجمع نهارًا روايتان: فإن قدمه لعذر اعتبر وجوده في طرفي الأولى وأول الثانية، وقيل: بل في أولها فقط، وإن أخرّ جمع، ولو انقطع في وقت للثانية صح، وإن زال قبله فلا، وهل يجوز الجمع لِوَحْلٍ وريحٍ شديدة باردة مع ظلمة؟ وقيل بدونهما، ولمن يُصلي وحده أو في المسجد يخرج إليه تحت ساباط أو في كنّ على وجهين، ولمن لا يناله مطر ولا وَحْل الجمع؛ خوف فوت الجماعة.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: بل كل واحدة من هذه الصلوات وقتها مفرد من وقت غيرها.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: إبراهيم النخعي والحسن البصري ومكحولًا ومحمد بن سيرين وجابر بن زيد وعمرو بن دينار والثوري والأسود وعمر بن عبد العزيز وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمد بن الحسن وزفر بن الهذيل والليث بن سعد ومالكًا -في رواية المدونة قاله ابن بطال- فإنهم قالوا: كل صلاة لها وقت مخصوص لا يشترك بالأخرى، فلا يجوز الجمع إلا في موضعين: عرفة، ومزدلفة وهو قول ابن مسعود وسعد بن أبي وقاص فيما ذكره ابن شداد في كتابه "دلائل الأحكام" وقول ابن عمر في رواية أبي داود، وأما قول النووي: إن أبا يوسف ومحمدًا خالفا شيخيهما، وأن قولهما كقول الشافعي وأحمد؛ فقد ردّه عليه صاحب "الغاية في شرح الهداية" بأن هذا لا أصل له عنهما وقال عياض: أَبَى أبو حنيفة وحده الجمع للمسافر وحكى كراهته عن ابن سيرين والحسن البصري، وروي عن مالك مثله، وروي عنه كراهيته للرجال دون النساء.