قوله:"حتى يطلع الشاهد" قد فسر في الحديث أنه النجم؛ سمى به لأنه يشهد بالليل: أي يحضر ويظهر، ومنه قيل لصلاة المغرب: صلاة الشاهد.
ص: قال أبو جعفر -رحمه الله -: وكان قوله عندنا والله أعلم: "ولا صلاة بعدها حتى يرى الشاهد" قد يحتمل أن يكون هذا هو آخر قول النبي - عليه السلام - كما ذكره الليث، ويكون الشاهد هو الليل، ولكن الذي رواه غير الليث تأول أن الشاهد هو النجم، فقال ذلك برأيه لا عن النبي - عليه السلام -، وقد تواترت الآثار عن رسول الله - عليه السلام - أنه كان يصلي المغرب إذا توارت الشمسي بالحجاب.
ش: أشار بهذا الجواب عما قال هؤلاء: إن قوله: "ولا صلاة بعدها حتى يُرى الشاهد". لا يخلو إما أن يكون من كلام النبي - عليه السلام - في آخر قوله، أو لم يكن، فإن كان من كلامه كما هو في رواية الليث بن سعد يكون المراد من الشاهد هو الليل، فنحن أيضًا نقول: لا صلاة بعد العصر حتى يدخل الليل؛ لأن دخول الليل بغروب الشمس، وإن لم يكن من كلام النبي - عليه السلام - كما رواه غير الليث، وأول الشاهد بالنجم، فلا يعمل به؛ لأنه ليس من النبي - عليه السلام -، على أن الآثار قد تواترت وتكاثرت أن النبي - عليه السلام - كان يصلي المغرب إذا توارت الشمس بالحجاب أي إذا غابت.
فإن قيل: إذا كانت الزيادة عن ثقة؛ يعمل بها.
قلت: نعم يعمل بها حينئذ إذا لم تخالفها الآثار الصحيحة، وقد تكاثرت الآثار الصحيحة أنه - عليه السلام - كان يصلي المغرب عقيب غروب الشمس وحث أمته على العجيلة حيث قال:"لا تزال أمتي بخير -أو قال: على الفطرة- ما لم يؤخروا المغرب إلى أن تشتبك النجوم".