فاغسل رأسك فقام، فقال للجارية: تنحي عني، قالت له الجارية: سبحان الله، إنما بعثني سيدي
لأخدمك. فقال: لا حاجة لي في خدمتك. قال: ثم أخرجها من الحجرة، وأغلق الباب عليه، وائتزر،
فغسل رأسه. قال: وعمر ينظر إليه، من حيث بعث بالجارية، إلى أن خرجت من عنده. فلما راح
أهل المدينة من منازلهم إلى عمر، قال: فحدثهم عمر بفعل الفرزدق وجرير، وما كان من أمرهما، ثم
قال عمر: عجبت لقوم يفضلون الفرزدق على جرير، مع عفة بطن جرير وفرجه، وفجور الفرزدق
وخبثه وقلة ورعه وخوفه لله عز وجل!!
تَدَلَّيتَ تزْنِي مِنْ ثَمانِينَ قامَةً ... وقصَّرتَ عنْ باعِ العُلا والمَكارِمِ
ويروى تجري، قوله تدليت تجري من ثمانين قامة. وذلك أنه عير الفرزدق بقوله:
هما دلتاني من ثمانين قامة ... كما انقضَّ بازِ أقتمُ الريشِ كاسره
أتمدحَ يَا ابْنَ القَيْنِ سَعداً وقَدْ جرَتْ ... لِجَعثِنَ فِيهمْ طَيْرها بِالأشائِمِ
قال: يعني جعثن أخت الفرزدق لأبيه وأمه. قال، وقال اليربوعي: كذب عليها جرير. قال، وكان
جرير يقول كثيراً: استغفر الله مما قلت لجعثن، وكانت إحدى الصالحات.
وتمدح يا ابْنَ القينِ سَعْداً وقَدْ تَرَى ... أديَمَكَ مِنْها واهِياً غيرَ سالمٍ
تُبرئُهُمْ مِنْ عِقْرِ جِعْثِنَ بَعْدَما ... أتَتكَ بِمَسْلُوخِ البَظارَةِ وارِمِ
تُنادي بِنْصفِ اللَّيلِ يالَ مُجاشِعٍ ... وقَدْ قشَرُوا جِلْد اسْتِها بالعُجارِمِ