للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

قال سعدان، قال أبو عبيدة: قال جرير هذا البيت، لقد كان إخراج الفرزدق عنكم طهورا، وذلك أن

الفرزدق كان قدم على عمر بن عبد العزيز، وهو على المدينة واليها، من قبل الوليد بن عبد الملك،

فأنزله عمر منزلاً قريباً منه، وأكرمه وأحسن ضيافته، ثم إنه بلغه عنه أنه صاحب فجور. قال: فبعث

اليه عمر بألطاف مع جارية له، وقال: اغسلي رأسه، وألطفيه جهدك. قال: وإنما يريد أن يختبره

بذلك، ليعلم حاله، فأتته الجارية، وفعلت ما أمرها به مولاها، ثم قالت له الجارية: أما تريد أن تغسل

رأسك؟ قال: بلى فقربت اليه الغسل، ثم ذهبت لتغسل رأسه، فوثب الشيخ عليها، وامتنعت منه. ثم

عادت، فعاد بمثل ذلك، وذلك بعين عمر، وهو يتطلع عليه من خوخة له. قال: فخرجت الجارية إلى

عمر، قال: فبعث إليه أن اخرج عن المدينة، ولئن أخذتك فيها، ما دام لي سلطان، لأعاقبنك، قال:

فنفاه عمر عن المدينة، فذلك قول جرير حيث يقول:

نفاك الأغرُّ ابنُ عبدِ العزيز ... بحقكَ تُنْفَى عن المسجد

قال: فلما خرج الفرزدق، فصار على راحلته، قال: قاتل الله ابن المراغة، كأنه كان ينظر إليَّ حيث

يقول:

وكنتَ إذا نزلتَ بدارِ قوم ... رحلت بخزيةٍ وتركتَ عاراً

قال: ثم قدم جرير على عمر، فأنزله في منزل الفرزدق، وبعث إليه بتلك الجارية بعينها، وأمرها أن

تفعل بجرير ما فعلت بالفرزدق، فألطفته، وفعلت به مثلما فعلت بالفرزدق، وقالت له: قم أيها الشيخ

<<  <  ج: ص:  >  >>