للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونشاط، والصيام يضعف الصائم عن القيام بهذه الأمور، وإذا تزاحمت المصالح قدم أنفعها وأولاها بما يعود على المصلحة الإسلامية العامة.

قال النووي: الحكمة في كراهة صومه أنَّه يوم دعاءٍ، وذكرٍ، وعبادةٍ، فاستحب الفطر فيه؛ ليكون أعون عليها، ولأنَّه عيد الأسبوع الذي هدى الله إليه هذه الأمة، حينما أضل عنه اليهود الذين عظموا السبت، وأضل عنه النصارى الذين عظموا يوم الأحد، فالحمد لله على نعمته وهدايته.

وقال أيضًا: في الحديث نهي صريح عن تخصيص ليلة الجمعة بصلاة من دون الليالي، فهذا متفق على كراهته.

٢ - يدل الحديثان على كراهة إفراد يوم الجمعة بصيام، وكراهة تخصيص ليلته بقيام؛ لئلا يتخذ الناس شعائر لم يأذن بها الله تعالى، أما صيامه أو قيامه بدون قصد لتخصيص هذه الليلة وذلك اليوم، فلا يدخل في النهي.

٣ - يدل الحديثان على جواز الصيام، وزوال الكراهة بأحد أمرين:

أحدهما: أن يوافق يوم الجمعة صيام معتاد، كأن يكون يصوم يومًا، ويفطر يومًا، فصادف يوم صيامه يوم الجمعة.

الثاني: إذا لم يفرده بالصيام بل جمع معه غيره، بأن صام يومًا قبله، أو يومًا بعده.

ففي هاتين الحالين تزول الكراهة؛ لأنَّه لم يوجد للجمعة تخصيص.

٤ - ظاهر الحديثين تحريم الصيام؛ لأنَّ النَّهي يفيد التّحريم، كما أنَّه توجد أدلة أخر صحيحة تفيد وجوب الفطر، وتحريم الصيام؛ كحديث جويرية في البخاري، ومع هذا ذهب جمهور العلماء إِلى أن النَّهي للتنزيه لا للتحريم؛ لأنَّ النَّهي منصب على تخصيصه بصيام أو قيام، ولم يكن النَّهي على نفس الصيام والقيام.

ولعلَّ مأخذ الجمهور في الكراهة دون التحريم-: أنَّهم لما رأوا إباحة

<<  <  ج: ص:  >  >>