الثالثة: تجب الزكاة في الثمار إذا بدا صلاحها وظهر نضجها، وتجب في الحب إذا اشتد حبه في سنبله، ولكنه لا يستقر الوجوب إلاَّ بجعلها في بيادرها، وهو المكان المعد لتشميسها وتجفيفها، والبيادر هي الجرن، وبناء عليه فإنَّه لو قطعها، أو جزَّها، أو باعها، أو تلفت بغير تعدٍّ منه قبل وضعها في البيدر -سقطت عنه الزكاة، إن لم يقصد بالبيع والقطع الفرار من الزكاة، وذلك لزوال ملكه عنها قبل الاستقرار، وإن كان ذلك بعد وضعها في البيدر لم تسقط؛ لاستقرارها بذلك، فالزكاة وإن وجبت في المال، إلاَّ أنَّ لها تعلقًا في الذمة.
الرابعة: قال شيخ الإسلام: العنب الذي لا يصير زبيبًا إذا أخرج عنه زبيبًا بقدر عُشره لو صار زبيبًا جاز وأجزأ بلا ريب، وأما العنب الذي يصير زبيبًا لكنه قطعه قبل أن يصير زبيبًا، فهنا يخرج زبيبًا بلا ريب، فإن أخرج العُشْر عنبًا فقولان في مذهب أحمد:
أحدهما: لا يجزئه، وهو المشهور من المذهب.
الثاني: يجزئه، وهذا قول أكثر العلماء، وهو أظهر.
أما الشيخ عبد الله بن محمَّد فيقول: ما أكله أهل العنب رطبًا لا زكاة فيه، وأما الباقي فإن بلغ نصابًا وجبت فيه الزكاة.
الخامسة: روى الإمام أبو داود (٣٤١٠) عن عائشة: "أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- كان يبعث عبد الله بن رَوَاحَةَ يخرص نخيل خيبر، حين يبدو صلاحه، وقبل أن يؤكل منه" وله شواهد تدل على مشروعية بعث الإمام خارصًا وقت بدو صلاح الثمر، وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد، وجماهير أهل العلم.