- عفا عنه رسول الله: قال القرطبي: العفو بمعنى الترك، أي تركها، ولم يعرف بها فهو معفو عنها، فلا تبحثوا عنها، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "وسكت عن أشياء من غير نسيان فلا تبحثوا عنها" فهذا معنى العفو عنها.
* ما يؤخذ من الحديثين:
١ - حديث (٥٠٧) فيه دليل على أنَّ الزكاة تجب في الحبوب كلها، وتجب في الثمار التي تُكال وتُدَّخر، ومثَّل لذلك بالشَّعير والحنطة والزبيب والتمر؛ لأنَّ ما يقتات ضروري في الحياة، فأوجب فيه الشارع الزكاة نصيبًا مفروضًا لأصحاب الضرورات.
أما الحبوب فشُرِط لوجوب الزكاة فيها الكيل؛ لأنَّه يدل على صحة إناطة الحكم به، كما شُرط للوجوب فيها صلاحيتها للادخار، فما لا يدخر لم تكمل فيه النعمة لعدم الانتفاع به.
٢ - قال شيخ الإسلام: أما أحمد وغيره من فقهاء الحديث فيوجبون الزكاة في الحبوب، كالثمار التي تدخر، وإن لم تكن تمرًا ولا زبيبًا، جُعِلا للبقاء في المعشرات بمنزلة الحول، ويفرقون بين الخضراوات وبين المدخرات؛ لما في ذلك من الآثار عن الصحابة، فرجح شيخ الإسلام أن المعتبر لوجوب زكاة الخارج من الأرض هو الادخار، لا غير؛ لوجود المعنى المناسب لإيجاب الزكاة فيه، بخلاف الكيل؛ فإنَّه تقدير محض، فالوزن في معناه.
٣ - أما الفواكه والخضراوات والبقول فلا تجب فيها الزكاة؛ لأَنَّها ليست مدخرة، وليست مكيلة، ومثل هذه الأشياء إنَّما هي ذات منفعة عاجلة، والحاجة إليها مؤقتة، وليست من الغذاء الضروري، وإنما هي للتنعم والتفكه، فهي من مأكولات الأغنياء دون الفقراء:{وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ}[النحل: ٧١] فلذا لم تجب فيها الزكاة، على قول جمهور العلماء.