لكن إنَّ كانت النفس الأخرى هي السبب في الوزر، فإنَّها تعاقب بمثل عقاب المباشر؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "من دلَّ على خير، فله مثل أجر فاعله" [رواه أبو داود (٥١٢٩)]، وقوله:"ومن سنَّ سنة سيئة، فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة" [رواهُ مُسلم (١٠١٧)].
٩ - وأما الحديث رقم (٤٨٦): فيدل على جواز البكاء على الميت بدون رفع صوت، فقد قال -صلى الله عليه وسلم- عند موت ابنه إبراهيم:"العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلاَّ ما يرضي الرب" [رواه البخاري (١٣٠٣) ومسلم (٢٣١٥)]، وكما جاء في البخاري (١٣٠٤): ومسلم (٩٢٤) من حديث ابن عمر؛ أنَّه -صلى الله عليه وسلم- قال:"إنَّ الله لا يعذِّب بدمع العين، ولا بحزن القلب، ولكن يعذِّب بهذا -وأشار إلى لسانه- أو يرحم" فهذا الحزن هو رحمة ينزلها الله على قلوب بعض عباده، وفيه تخفيف من شدَّة المصيبة.
١٠ - يجب الصبر واحتساب الأجر عند الله تعالى والاسترجاع، قال الله تعالى: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (١٥٦) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (١٥٧)} [البقرة] وقال تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (١٠)} [الزمر].
فأهل الإيمان هم أقل الناس انزعاجًا عند المصائب، وأحسنهم طمأنينة، وأقلهم قلقًا عند النوازل، وهذه الكلمات المباركة الطيبات من كتاب الله تعالى، هي أبلغ علاج عند المصيبة، وأنفعه في العاجلة والآجلة، فإنَّها تضمَّنت أصلين، إذا تحقق العبد معرفتهما: هانت عليه المصيبة: