للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعمل به.

٢ - الواجب أن يكون هذا درسًا للمسلمين في عموم الولايات، فلا يُقدَّم فيها ويولى عليها؛ إلاَّ من هو أهل لها، واجتمع فيه الشرطان العظيمان: الأمانة فيه، والقوة عليه؛ كما قال تعالى: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (٢٦)} [القصص: ٢٦]، وما ذلَّ المسلمون وفقدوا عزهم، وعمَّهم الفساد، إلاَّ بترك هذه الأمانة وإضاعتها، فقد جاء في صحيح البخاري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا ضيعت الأمانة، فانتظر الساعة، فقال أعرابي: كيف يا رسول الله! إضاعتها؟ قال: إذا أُسْنِدَ الأَمْر إلى غير أهله".

٣ - تكون الإمامة لمن هو أكثر حفظًا لكتاب الله تعالى؛ لأنَّ كتاب الله تعالى أساس العلوم النافعة، فمن كان فيه أعلم كان من غيره أفضل، فالعبرة بمن هو أعلم بكتاب الله وفقهه، وفقه الصلاة، ولذا يُقدم الأفقه على من هو أكثر منه حفظًا، ولكن ليس في فقه الصلاة كذلك.

٤ - المراد بقوله: "أقرؤهم لكتاب الله" هو أكثرهم حفظًا للقرآن، والذي يوضحه الحديث الذي قبله: "وليؤمكم أكثركم قرآنًا" [رواه البخاري (٤٣٠٢)]، وما رواه النسائي (٢٠١١) والترمذي (١٧١٥)، وصححه من حديث هشام بن عامر ابن أمية الأنصاري قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في قتلى أحد: "قدِّموا أكثرهم قرآنًا".

٥ - فإن استويا في القراءة، فأعلمهم بسنة نبيه محمَّد -صلى الله عليه وسلم-؛ فإنَّ السنة المطهرة هي الوحي الثاني، وهي المصدر الثاني للتشريع.

٦ - فإن استويا في العلم بالقرآن وحفظه، والعلم بالسنة وحفظها -فأقدمهم هجرةً من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام، فإن لم تكن هجرةٌ فأقدمهم توبةً وهجرةً عمَّا نهى الله عنه، وأقربهم امتثالاً لما أمر الله تعالى به.

٧ - وفي رواية: "فأقدمهم سنًّا"؛ ذلك أنَّ من قدم سنه قدُم إسلامه، وكثرت أعماله الصالحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>