للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنْها: إذا جرى الحَاكِم عَلَى مُوجِب القول القديم، فهل ينقض قضاؤه تفريعاً على الجديد؟ فيه وجهان، رواهما صاحب "الحاوي" وغيره -[رحمهم الله]-.

والأظهر منهما عند أكثرها، وهو الذي أورده صاحب الكتاب -رحمه الله- في أدب القضاء منْسوباً إلى النص: أنه ينقض، واستبعد الوجهَيْن هنالك.

وإذا نَكَحَتْ بعد التربص والعِدَّة، ثم بان أن المفقود كان مَيِّتاً وقْت الحكم بالفرقة، ففي صِحَّة النِّكاح على الجديد وجهان؛ بناءً على الخلاف فيما إذا بَاعَ مال ابْنِه على ظَنِّ حياته، فبان أنه كان ميِّتاً.

ومنها: لو طلَّقها المفقود أو آلَى أو ظاهر عَنْها أو قَذَفَها، نظر؛ إن كان ذلك قبل رفْع الأمر إبى القاضي أو بعده؟ وقيل: أن يحكم القاضي بالفرقة، فلهذه التصرفات أحكامها، وإنْ كان بَعْد حكمه بالفرقة، فقد ذكروا أن عَلَى الجديد تَلْزَمُه أحكام هذه التصرُّفات؛ لأنها زوْجَتُه، ولَيْس للحاكم التفْرِيق بينهما؛ [وليكن] (١) هذا جواباً على أنَّه ينفض حكم مَنْ جرى على موجب القول القديم، وإذا قلنا بالقديم، فإن قلنا: ينفذ حكمه ظاهراً وباطناً تثبت أحكام هذه التصرفات، وإن قلنا ينفذ ظاهراً وباطناً فهو كالأجنبي يباشرها.

ومنها نفقها واجبة على المفقود؛ لأنها مسلمة نفسها غير مقصرة، فإن رفعت الأمر إلى الحاكم، وطلبت الفرقة، فنفقة مُدَّة التربُّص عليه أيْضاً؛ لكونها محبوسةً علَيْه، فإذا


= تتربص أربع سنين، من حين رفعت أمرها إليه، ثم دعا وليه فطلقها، ثم أمرها أن تعتد أربعة أشهر وعشراً، ثم جئت بعد ما تزوجت، فجرني عمر ليها وبين الصداق الذي أصدقتها، ورواه ابن أبي شيبة من طريق يحيى بن جعدة عن عمر به، وروى البيهقي [٧/ ٤٤٦] من طريق سعيد عن قتادة عن أبي نضرة عن ابن أبي ليلى أن رجلًا من قومه من الأنصار خرج يصلي مع قومه العشاء، ففقد، فانطلقت امرأته إلى عمر فقصت عليه، فسأل قومه عنه، فقالوا: نعم خرج يصلي العشاء ففقد، فأمرها أن تتربص أربع سنين، فتربصتها، ثم أتته فسأل قومها، قالوا: نعم، فأمرها أن تتزوج، فتزوجت، ثم جاء زوجها يخاصمه في ذلك إلى عمر: يغيب أحدكم الزمان الطويل لا يعلم أهله حياته، فقال: إن لي عذراً خرجت أصلي العشاء، فأخذني الجن، فلبثت فيهم زماناً طويلاً، فغزاهم جن مؤمنون، فقاتلوهم فظهروا عليهم، فسبوني فيما سبوا منهم فقالوا: نراك رجلاً مسلماً، ولا يحل لنا سباؤك، فخيروني بين المقام وبين القفول إلى أهلي، فاخترت القفول إلى أهلي، فأقبلوا معي أما بالليل فلا يحدثونني وأما بالنهار فعصار ريح اتبعها، قال: فما كان طعامك إذ كنت فيهم، قال: الفول، وما لا يذكر اسم الله عليه؛ والشراب ما لا يخمر، قال فخيره عمر بين الصداق وبين امرأته، قال سعيد وحدثني مطر عن أبي نضرة أنه أمرها بعد التربص أن تعتد أربعة أشهر وعشراً.
(١) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>