للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَكَى الإِمام تَرَدُّداً في إجراء القول القديم، والظاهر إجراؤه، فيتفرَّع على القولَيْن صورٌ ومسائلٌ:

منها: إذا قلْنا بالقديم، فتتربص أربع سنين، ثم يحكم الحاكم بالوفاة وحصول الفرقة، فتعتد عدة الوفاة، ثم تنكح، كذا (١) حكم العراقيُّون وغيرهم، وهل تفتقر مدة التربُّص إلى ضَرْب القاضي أم لا؟ وتحسب من وقْت انقطاع الخبر وفِقْدَان الأثر؟ فيه وجهان، ويقال قولان:

أحدهما، وبه قال أبو إسحاق: أنها تفتقر إلى ضرب القاضي، ولا تعتد بما مضى قبْل ذلك؛ لأنَّ هذه مدَّة ثبتت بالاجتهاد فتفتقر إلى حكم الحاكم، كمدة العنة.

والثاني: أنها تُحْسَب من وقْت انقطاع الخَبَر؛ لإشعار الحال بالوفاة ودلالته عليها، وإيرادُ كثير من الأئمة يُشْعِر بترجيح الأوَّل، ومنهم من رجح الثانِيَ، وهو اختيار القَفَّال، ويروى عن أحْمَدَ -رحمه الله- وإذا ضرب القاضي مدة التربُّص بعد رفْعِها إلَيْه وظهور الحال عنْده، فمضت المُدَّة، فهل يكون ذلك حكماً بوفاته أم لا بُدَّ من استئناف حكم؟ قال في "التجربة": فيه وجهان محتملان:

أحدهما: أن ضَرْب المدة حُكْم بالوفاة بعْد انقضائها، فإذا انقضت، شَرَعَت في العدة، [و] (٢) لا تحتاج إلى معاودة الحاكم.

وأظهرهما: أنه لا بُدَّ من الحكم بالفرْقة بعْد انقضائها، كما لا بُدَّ من الحكم بعد انقضاء المدة المضروبة في العُنَّة، ثم حكم الحاكم بالفرقة ينفذ ظاهراً وباطناً أو ظاهراً لا باطناً؟ فيه وجهان أو قولان (٣):

وجه الأول: أنَّه فسْخٌ مجتَهَدٌ فيه، فأشبه الفَسْح بالعُنَّة والإعسار.

ووجْه الثاني: أن عمر (٤) -رضي الله عنه- لمَّا عادَ المَفْقُود مكَّنه مِنْ أن يأخذ زوْجَتَه.


(١) في أ: حكى.
(٢) سقط في ز.
(٣) قال النووي: أصحهما الثاني. والله أعلم، قال في الخادم: ووقع في بعض النسخ أصحهما الثاني، وقال صاحب الوافي هما مأخوذان من أن ابتداء الموت من حين انقطاع الخبر أو من حين أمرها الحاكم بالتربص، قال ولا يخفى وجه الثناء والصحيح الثاني، وقال الفارقي في الصحيح إنه لا ينفذ في الباطن.
(٤) أخرجه عبد الرزاق من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى عنه بأتم من هذا، وفيه انقطاع مع ثقة رجاله، وقال عبد الرزاق أنا الثوري عن يونس بن خباب عن مجاهد عن الفقيد الذي أفقد فقال: دخلت الشعب فاستهوتني الجن، فمكثت أربع سنين، ثم أتت امرأتي عمر بن الخطاب فأمرها أن =

<<  <  ج: ص:  >  >>