للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثالثة: في النَّظَرِ إليها إذا وقعت الرَّغْبَةُ في نكاحها وأحكام النظر جملة، ثم يتصل به، فلا ينظر إلاَّ إلى وجهها.

والرابعة: في الخطبة.

والخامسة: في الخِطبة والمقصود لا يختلف.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الثَّالِثَةُ): النَّظَرُ إِلَيْهَا إِذَا تَحَقَّقَتِ الرَّغْبَةُ في نِكَاحِهَا، وَنَحْنُ نَتَعَرَّضُ في هَذَا المَوضِعِ لأَحْكَامِ النَّظَرِ جُمْلَةً، وَلاَ يَنْظُرُ (ح م و) إِلاَّ إِلَى وَجْهِهَا، وَلاَ يَحْتَاجُ إلَى إِذْنِهَا (م).

قال الرَّافِعِيُّ: إذا رغب في نكاح امْرَأَةِ نَظَرَ إليها؛ لما رُوِيَ أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال لِلْمُغُيرَةَ وقد خطب امْرَأَةَ: "انْظُر إِلَيْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا" (١)، أَي يجعل بينكما المودة والألفة. يُقَالُ: "أَدَمَ الله بينكما" أي "جعل".

وعن جابر- أنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمْ الْمَرْأَةَ فَإِنْ استطاع أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَلْ" (٢) قال: فخطبت جارية وكنت أَتَحَبَّأُ لها، حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها فتزوجتها، وهذا النَّظَرُ مُسْتَحَبٌ، أو مُبَاحٌ مجرد؟.

حكى الإِمَامُ فيه وجهين:


(١) أخرجه النسائي [٦/ ٦٩]، والترمذي [١٠٨٧]، وابن ماجة [١٨٦٦]، والدارمي [٢/ ١٣٤]، وابن حبان [١٣٦ موارد]، من حديث المغيرة، وذكره الدارقطني [٣/ ٢٥٢ - ٢٥٣] في العلل وذكر الخلاف فيه، وأثبت سماع بكر بن عبد الله المزني من المغيرة، وقوله: "يؤدم بينكما" أي تدوم المودة، وفي الباب عن أبي هريرة عند مسلم، وأنس وجابر ومحمد بن مسلمة وأبي حميد، فحديث أنس صححه ابن حبان والدارقطني والحاكم وأبو عوانة، وهو في قصة المغيرة أيضاً، وحديث جابر يأتي، وحديث محمد بن مسلمة رواه ابن ماجة وابن حبان، وحديث أبي حميد رواه أحمد والطبراني والبزار ولفظه: إذا خطب أحدكم امرأة فلا جناح عليه أن ينظر إليها، إذا كان إنما ينظر إليها للخطبة.
(٢) أخرجه الشَّافعي وأبو داود [٢٠٢٨]، والبزار والحاكم [٢/ ١٦٥]، من حديث ابن إسحاق عن داود ابن الحصين عن واقد بن عبد الرحمن عنه، ورواه أحمد [٣/ ٣٣٤ - ٣٦٠]، من هذا الوجه وفيه أنها من بني سلمة، وأعله ابن القطان بواقد بن عبد الرحمن، وقال: المعروف واقد بن عمرو، قلت: رواية الحاكم فيها عن واقد بن عمرو، وكذا هو عند الشَّافعي وعبد الرزاق.
قال الحافظ: فائدة: روى عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي عمرو، عن سفيان عن عمرو ابن دينار عن محمد بن علي ابن الحنفية: أن عمر خطب إلى علي ابنته أم كلثوم، فذكر له صغرها، فقال: أبعث بها إليك، فإن رضيت فهي امرأتك، فارسل بها إليه، فكشف عن ساقها، فقالت: لولا أنك أمير المؤمنين لصككت عينك، وهذا يشكل على من قال: إنه لا ينظر غير الوجه والكفين.

<<  <  ج: ص:  >  >>