وما يتعلق بهذا الضرب، أن شعره -صلى الله عليه وسلم- طاهر على المذهب إن نجّسنا شعر غيره، وأن بوله ودمه وسائر فضلاته، طاهرة على أحد الوجهين كما سبق، وأن الهدية له حلال، بخلاف غيره من الحكام وولاة الأمور من رعاياهم. وأُعطي جوامع الكلم. ومن خصائصه -صلى الله عليه وسلم-، ما ذكره صاحب "التلخيص" والقفال قالا: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يؤخذ عن الدنيا عند تلقي الوحي، ولا تسقط عنه الصلاة ولا غيرها. وفاته -صلى الله عليه وسلم- ركعتان بعد الظهر، فقضاهما بعد العصر، ثم واظب عليهما بعد العصر. وفي اختصاصه بهذه المداومة، وجهان: أصحهما: الاختصاص. ومنها: أنه لا يجوز الجنون على الأنبياء، بخلاف الإِغماء. واختلفوا في جواز الاحتلام، والأشهر امتناعه. ومنها: أنه من رآه -صلى الله عليه وسلم- في المنام فقد رآه حقّاً. وأن الشيطان لا يتمثل في صورته. ولكن لا يعمل بما يسمعه الرائي منه في المنام مما يتعلق بالأحكام، لعدم ضبط الرائي، لا للشك في الرؤية، فإن الخبر لا يقبل إلاّ من ضابط مكلَّف، والنائم بخلافه. ومنها: أن الأرض لا تأكل لحوم الأنبياء، للحديث الصحيح في ذلك. ومنها: قوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث: "إن كذباً علي ليس ككذب على أحد". فالكذب عمداً عليه من الكبائر، ولا يكفر فاعله على الصحيح وقول الجمهور. وقال الشيخ أبو محمد: هو كفر. ولنختم الباب بكلامين. أحدهما: قال إمام الحرمين: قال المحققون: ذكر الاختلاف في مسائل الخصائص خبط غير مفيد، فإنه لا يتعلق به حكم ناجز تمس إليه حاجة، وانما يجري الخلاف فيما لا نجد بدّاً من إثبات حكم فيه، فإن الأقيسة لا مجال لها، والأحكام الخاصة تتبع فيها النصوص، وما لا نص فيه، فتقدير اختيار فيه، هجوم على الغيب من غير فائدة. والكلام الثاني: قال الصيمري: منع أبو علي بن خيران الكلام في الخصائص، لأنه لو انقضى، فلا معنى للكلام فيه. وقال سائر أصحابنا: لا بأس به، وهو الصحيح، لما فيه من زيادة العلم، فهذا كلام الأصحاب، والصواب الجزم بجواز ذلك، بل باستحبابه. ولو قيل بوجوبه، لم يكن بعيداً، لأنه ربما رأى جاهل بعض الخصائص ثابتة في الحديث الصحيح فعلم به أخذاً بأصل التأسّي، فوجب بيانها لتعرف فلا يعمل بها، وأي فائدة أهم من هذه. وأما ما يقع في ضمن الخصائص مما لا فائدة فيه اليوم، فقليل لا تخلو أبواب الفقه عن مثله للتدرُّب ومعرفة الأدلة وتحقيق الشيء على ما هو عليه. والله أعلم. قال في المهمات التعبير عن الثالث سهو وصوابه لمن ليس اسمه محمداً دون غيره وكأنه وقعت له نسخة ما نصه والثالث لمن اسمه محمد دون غيره والذي وقعت عليه ما ذكرته وهو الصواب. وقال الإسنوي: وهذا الثالث هو الصواب الراجح دليلاً لقوله -صلى الله عليه وسلم- "من تسمى باسمي فلا يكتني بكلنيتى ومن تكنى بكنيتي فلا يتسمى باسمي". رواه أبو داود والترمذي من حديث جابر وقال الترمذي حسن غريب وقال البيهقي في شعب الإِيمان إسناده صحيح وصححه ابن حبان وأخرجه أيضاً من حديث أبي هريرة وصححه الترمذي =