للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= بن ميسرة وقد ضعفه الدارقطني. وقال ابن حبان. لا يحل الاحتجاج به. ولذا فأغلب العلماء على عدم الاعتداد بهما في أدلة خيار الشرط.
ومن حيث الحديث الثالث: "المُتَبَايِعَانِ بِالخِيَارِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا إلاَّ بَيْعَ الخِيَارِ" فهو إنما يدل للجمهور لو كان قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إلاَّ بَيْعُ الخِيَارِ" مستثنى من لزوم البيع في حال التفرق، كما ذهب إلى هذا فريق منهم. أما إذا كان مستثنى من ثبوت الخيار للمتبايعين مدة عدم افتراقهما عن مجلس العقد، فهو بعيد كل البعد عن الاحتجاج به لهذا المذهب. إذ يكون معنى الحديث على هذا أن الخيار الثابت بالعقد ينتهي بأحد الشيئين؛ إما بالتفرق عن مجلس البيع؛ وإما باختيار البيع في أثناء قيام المجلس المذكور. والحديث أما يحتمل الوجه الذي ذكروه يحتمل هذا الوجه أيضاً، وكان يكفينا هذا في عدم صلاحية الحديث للاحتجاج به على مشروعية خيار الشرط. فكيف والتأويل الذي ذكرناه هو الموافق لأحاديث أخر في معناه نذكر منها هذا الحديث: "المُتَبَايِعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا أَوْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبهِ: اخْتَرْ" وربما قال: "أَوْ يَكُونَ بَيْعَ الخِيَارِ" فقد بينت هذه الرواية أن المراد بقوله: "بَيْع الخِيَارِ" هو أن يقول أحدهما لصاحبه اختر، لا سيما وجميع روايات هذا الحديث الصحيحة قد وردت من طريق ابن عمر -رضي الله عنه-.
ومن حيث الحديث الرابع: وهو قوله -عليه الصلاة والسلام- لحبان بن منقذ: "إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ لاَ خُلاَبَةَ وَليَ الخِيَارُ ثَلاثَةُ أَيَّامٍ"، فقد ورد هذا الحديث بروايات كثيرة، نكتفي منها بذكر أربع روايات تجمع شتيتها:
١ - عن ابن عمر -رضي الله عنه- قال: ذكر رجل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه يخدع في البيوع فقال: "مَنْ بَايَعْتَ فَقُلْ لاَ خُلاَبَةَ" متفق عليه.
٢ - وعنه أيضاً. أن منقذاً سفع في رأسه في الجاهلية مأمومة، فخبلت لسانه، فكان إذا بايع يخدع في البيع. فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "بَايعْ، وَقُلْ لاَ خَلاَبَةَ، ثُمَّ أَنْتَ بِالخِيَارِ ثَلاثَاً" رواه الحميدي في مسنده من طريق سفيان عن محمد بن إسحاق عن نافع.
٣ - ما روي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لحبان بن منقذ، أو لأبيه منقذ بن عمرو الأنصاري على اختلاف في ذلك: "إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ لاَ خَلاَبَةَ، وَلَكَ الخِيَارُ ثَلاَثاً".
٤ - ما روي أن حبان بن منقذ بن عمرو الأنصاري- رضي الله عنه- كان يغبن في البياعات، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ لاَ خَلاَبَةَ، وَلِيَ الخِيَارُ ثَلاثَةُ أَيَّامٍ" وهي الرواية التي اقتصرنا عليها فيما مضى، أما الروايتان الأولى والثانية. فثابتتان في كتب الحديث، وأما الثالثة فتوجد في بعض كتب المالكية كالمقدمات لابن رشد، والبداية لابن رشد الحفيد، وأما الرابعة فتوجد في كتب الحنفية.
أما الرواية الأولى: من الروايات الأربع -وهي أصح روايات هذا الحديث- فليس فيها ذكر للخيار، ولا لمدته صراحة. ولكن يفهم منها بطريق الفحوى والسياق ثبوت الخيار لدفع الغبن عند اشتراط عدم الخلابة في البيع، إلا لم يكن لهذا الشرط فائدة. وهي لهذا بعيدةكل البعد عن أن يحتج بها لثبوت خيار الشرط في البيع الذي لا سبب له غير الشرط. ولهذا يقول الكمال في فتح القدير: "والعجب ممن قال: الأصل في جواز شرط الخيار -ثم ذكر هذا =

<<  <  ج: ص:  >  >>