للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو قال أحدهما لصاحبه: اختر أو خيرتك، فقال الآخر: اخترت انقطع خيارهما جميعاً، وإن سكت لم ينقطع خِياره وينقطع خيار الْقَائِل في أَصَحِّ الوَجْهَيْن؛ لأن قوله: اختر رضا منه باللُّزوم، وقد روي في بعض الروايات أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "أَوْ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: اخْتَرْ" (١).

ولو قال أحدهما: اخترت، وقال الآخر: فسخت، قدم الفسخ على الإجازة.

ولو تقابضا في المجلس، وتبايعا العوضين بيعاً ثانياً صح البيع الثَّانِي على المشهور، وهو قول ابْنِ سُرَيْجِ؛ لأن البيع الثاني منهما رضاً بلزوم الأول.

وعن صاحب "التقريب": أنه مبني على أن الخيار هل يمنع انتقال الملك؟

إن قلنا: يمنع لم يصح.

ولو تقابضا في عقد الصَّرف، ثم أجازا في المجلس، لزم العقد، وإن أجازاه قبل التقابض فوجهان:

أحدهما: أن الإجازة لاغية؛ لأن القبض متعلق بالمجلس، وهو باق فبقي حكمه في الخِيَار.

والثَّاني: أنه يلزم العقد وعليهما التَّقَابض (٢)، فإن تفرَّقا قبل القَبْض انفسخ العقد، ولا يعصيان إن تفرقا عن تَرَاضٍ، فإن انفرد أحدهما بالمُفَارَقة عصى.

وأما التفرق: فهو أن يتفرَّقا بأبدانهما، فلو أقاما في ذلك المجلس مدة طويلة، أو قاما وتماشياً منازل فهما على خيارهما، هذا هو المذهب (٣)، ووراءه وجهان:


(١) تقدم.
(٢) صححه النووي في شرح المهذب.
(٣) الاتفاق على أن خيار المجلس يبتدئ بمجرد الفراغ من العقد، وأنه ينتهي بأحد الشيئين. التفرق بالأبدان، واختيار البيع. أما التفرق فلأن كل أحاديث الخيار نصبت عليه. فيلزم البيع بعد التفرق سواء كان التفرق منهما معاً بأن قاما عن المجلس معاً، ويمم كل منهما وجهة غير وجهة صاحبه، أو كان من أحدهما بأن ترك صاحبه فقام ومشى كما كان يفعل ابن عمر -رضي الله عنه-: إذا ما أراد أن يلزم صاحبه بالبيع. وأما الاختيار فعن أحمد رواية بأنه غير قاطع للخيار؛ لأن أكثر الروايات وردت بدونه. وعنه رواية أخرى بأنه قاطع له وهي الموافقة للجمهور والمعتمدة في مذهب الحنابلة؛ لأن التخيير زيادة عدل نقة وردت من طريق صحيح فتكون مقبولة، ويجب العمل بها. والاختيار أن يقول كل واحد منهما اخترت البيع أو كلمة تؤدى معناها كأمضيته فيلزم البيع في حقهما معاً ولو قال أحدهما ذلك دون الآخر لزم البيع في حقه فقط هذا كله لا خلاف فيه إلا في وجه شاذ للشافعية لا يعول عليه في المذهب أنه يلزم في حقهما في المسألة الثانية قياساً على التفرق من أحدهما. ولو قال أحدهما لصاحبه اختر فسكت فالاتفاق بين الشافعية والحنابلة أنه لا يسقط خيار الساكت. أما خيار القائل ففيه =

<<  <  ج: ص:  >  >>