فَأَما قَوْلهم:"لَا نكفّر أحدا" فَبَاطِل قطعا؛ إِذْ فِي المنتسبين إِلَى الْإِسْلَام فضلا عَن غَيرهم كفّار لاشك فِي كفرهم, وَأما قَوْلهم:"لَا نكفّر إِلَّا من كفّرنا" فَبَاطِل كذلكَ؛ إِذْ لَيْسَ تَكْفِير أحد لنا بمسوِّغ أَن نكفِّره إِلَّا إِذا كَانَ يسْتَحق ذَلِك شرعا.
وَأما تَكْفِير من لَا يسْتَحق سوى التبديع فَمثل تصريحهم فِي أغلب كتبهمْ بتكفير من قَالَ:"إِن الله جسم لَا كالأجسام" وَهَذَا لَيْسَ بِكَافِر بل هُوَ ضال مُبْتَدع؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِلَفْظ لم يرد بِهِ الشَّرْع, والأشاعرة تسْتَعْمل مَا هُوَ مثله وَشر مِنْهُ. وَأما تَكْفِير من لَا يسْتَحق حَتَّى مُجَرّد الْفسق أَو الْمعْصِيَة فَكَمَا مرّ فِي الْفَقْرَة السَّابِعَة من تكفيرهم من قَالَ:"إِن النَّار عِلّة الإحراق وَالطَّعَام عِلّة الشِّبَع".
وَأما التَّكْفِير بِمَا هُوَ حق فِي نَفسه يجب اعْتِقَاده فنحو تكفيرهم لمن يثبت علو الله وَمن لم يُؤمن بِاللَّه على طَريقَة أهل الْكَلَام, وكقولهم:"إِن الْأَخْذ بظواهر النُّصُوص من أصُول الْكفْر" كَقَوْلِهِم: "إنّ عبَادَة الْأَصْنَام فرع من مَذْهَب المشبهة" ويعنون بهم أهل السّنة وَالْجَمَاعَة.