ماتت) قال الوزير- رحمه الله-: (الذي روي أن أبا بكر رضي الله عنه دخل على فاطمة بإذن علي عليه السلام فقال لها: والله لئن تفتقر بناتي أحب إلي من أن تفتقري، لكني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا نورث، ما تركناه صدقة، فقالت له: أنت وما سمعت). ولشأن فاطمة رضي الله عنها من الزهد في الدنيا فوق أن يظن بها إلا ما يناسب ذلك. ولهذا المعنى قال في الحديث الذي نحن في تفسيره:(فهجرته فاطمة فلم تكلمه في ذلك) أي لم تكلمه في الميراث؛ لأنها هجرته فلم تكلمه في غير ذلك.
* وأما ما ذكرته عائشة من أن عليا دفن فاطمة ليلا، ولم يؤذن بها أبا بكر فقد روي أن أبا بكر هو الذي صلى عليها، وإن كان دفنها ليلا فلعله بوصية منها إيثارا للخفر.
* وأما قول عائشة: فلما توفيت فاطمة انصرفت وجوه الناس عن علي، فإن ذلك قد يجوز أن يكون لاستناد علي إلى رأي فاطمة في حياتها؛ لأنها بضعة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد طال مرضها، وقد كان يرجى برؤها لتشاور وتصلح، فلما ماتت استوحش (١٥/ أ) من انفراده، فمال إلى صلح أبي بكر، فأرسل إلى أبي بكر (أن تأتينا)، ولا يبعد من علي رضي الله عنه أنه أراد أن يجعل لأبي بكر رضي الله عنه فضيلة القصد إليه لأنه الراعي للكل، والراعي يتبع الشاذة. وقوله:(ولا تأتينا معك بأحد) فإن الذي يظن به أن يأتي معه بعمر، وفي عمر شدة؛ فإذا سمع بعض ما يجري من العتاب لم يؤمن أن يغلظ في الجواب، وكانت إرادة علي من حضور أبي بكر الإصلاح فخاف علي من شدة عمر وغيرته على الحق. فقال له عمر:(لا تأتهم وحدك) فقال: (والله لآتينهم وما عسى أن يصنعوا بي؟) وهذا يدلك على ما ذكرنا.
* وقول علي رضي الله عنه:(ما منعنا أن نبايعك إنكار لفضيلتك ولا نفاسة عليك بخير ساقه الله إليك) اعتراف بفضيلته التي تناسب هذا المقام- مقام مثوبة وعبادة