للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آيةٍ، فقد أمرهم أن يجمعوا التصديق بالله ورسوله مع عدمه، وهو جمع بين النقيضين عقلًا.

قلنا: ليس ما ذكرتم محلًا للنزاع، بل هو من القسم الأول المتفق على وقوعه، وذلك: أن الإيمان هو تصديق النبي بما علم مجيئه به ضرورة إجمالًا، فهم لم يخاطبوا بأنهم لا يؤمنون، بل أخبر الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- (١) أنهم لا يؤمنون ولو سمعوا، ولم يصدقوا به، فلا إشكال، أما لو سمعوا وصدقوا به كان من المستحيل ذاتًا، وأنّى يثبت ذلك وفي آذانهم وقر، ومن بينهم وبينه حجاب (٢)!

قيل: التكليف بالمحال واقع قطعًا؛ لأن الاستطاعة مع الفعل لا قبله، وأفعال العباد مخلوقة لله تعالى، ومن هذين الأصلين نسب التكليف بالمحال إلى الأشعري، وإلا فالأشعري لم يصرح بذلك (٣).

قلنا: لو صح ما ذكرتم لكان كل تكليف من قبيل المحال، وهو خلاف الإجماع، فيكون مردودًا، وهذا جواب جدلي.


(١) آخر الورقة (٢١ / ب من أ).
(٢) قال تعالى: {وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ} [فصلت: ٥].
(٣) راجع: البرهان: ١/ ١٠٣، والإحكام للآمدي: ١/ ١٠٣، والإبهاج: ١/ ١٧٣، ونهاية السول: ١/ ٣٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>