للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهبت معتزلة بغداد، والآمدي إلى عدم الجواز في الممتنع ذاتًا (١).

ونقل عن إمام الحرمين: أن ما تعلق العلم بعدم وقوعه لا يطلب وقوعه؛ لاستحالة الطلب (٢)، ولكن يجوز ورود صيغة الأمر لا للطلب، بل لمعنًى آخر: كالإهانة في قوله تعالى: {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [الأعراف: ١٦٦] (٣).

ثم قال المصنف: "والحق وقوع الممتنع بالغير لا بالذات" (٤).

أقول: لما تقرر أن فعله لا يعلل بالغرض، فله أن يكلف بما لا يطاق، وإن كان ذاتًا، لكن لم يقع النزاع إلا في القسم الثاني، والنزاع إنما هو في الجواز لا في الوقوع.

فإن قيل: قد وقع التكليف بالممتنع ذاتًا، وهو أنه تعالى أخبر عن طائفة بأنه ختم على قلوبهم (٥) فهم لا يؤمنون، وقد أمرهم بالإيمان في كم


(١) وهو مذهب الأحناف، وذكر الآمدي أن الغزالي مال إليه، لكن المصنف أشار إلى ضعف هذه النسبة إلى الغزالي.
راجع: روضة الناظر: ص/ ٢٨، والإحكام للآمدي: ١/ ١٠٣، والإبهاج: ١/ ١٧٢، وفواتح الرحموت: ١/ ١٢٣.
(٢) راجع: البرهان: ١/ ١٠٤.
(٣) الآية: {فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [الأعراف: ١٦٦].
(٤) راجع: الإبهاج: ١/ ١٧٣، ورفع الحاجب: (١/ ق / ٨٠/ أ)، والمحلي على جمع الجوامع: ١/ ٢٠٨.
(٥) كقوله تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [البقرة: ٧].

<<  <  ج: ص:  >  >>