للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الكواكب بالزيادة على الأرض، وفاضلوا بين ذلك، فإن كان المعنى منهم بموضع المضاعفة طريق الشمس في فلكها من مشرقها إلى مغربها، ثم بمصعدها في أعلى مسالكها في ذلك، ومنازلها إلى أدنى ذلك في المشارق والمغارب، فربما قالوا أو ظن بهم ذلك، وإن كان غير مدرك لبشر من غير توقيف نبوّة ولا إعلامٍ بوحي من عند الله، وإن كان المعنى بذلك قرص الشمس فالمشاهدة تبطل ذلك، وإنما أوقعهم في هذا التهافت ما رأوْه من أمر الله المجعول فيها وبها، وذلك أنّ الله جعلها شخصا محاطًا به، محصورا له مقدَّم ومؤخَّر وجنبات رفعه الله ﷿ في لوح الجوّ، وأجراها في الفلك الرابع الذي هو أول أفلاكه فلك القمر، دع عنك ما دون ذلك من فلك الرياح وفلكي الليل والنهار وفلك المياه، وهي جسم نيِّر سراجي عمّ ضياؤه ما سمّي نهارًا، فكان ذلك سبب شهرتها واضطرار الأبصار إلى رؤيتها، دون تضامٍّ من أحد إلى أحد ولا تضارِّ. إلى أن قال: ولو كان ما ذكروه من عظيم جرمها وتضعيف ذلك على جرم الأرض على ما زعموه لكانت الأرض في ضمّها كالنقطة، والمعهود المُتَعارَف أنّ ظلال الأشخاص تعظم مع القرب وتستدقّ على البعد، وفي مثل بعد ما بين الأرض وما بينها يوجد ذلك، وذلك كلّه دليل على قصورها ونقصها عن العظم الذي وصفوها به.

٣٨٧ - وقال في تفسير سورة "هود" (١): جاء عن رسول الله أنّه سئل: أين كان ربُّنا قبل أن يخلق خَلْقَه؟ قال: "في عماءٍ، ما تحته هواء، وما فوقه هواء"، فأعلَمَ صلوات الله عليه بحديثه هذا أنّ العماء للعرش بمنزلة العرش للماء، ويأتي من مفهوم هذا أنّ الله تعالى خلق الماء من الهواء، وكذلك فتق بالهواء ممّا شاء ممّا هو [دون] (٢) العرش، وفتق الماء


(١) تفسير ابن برّجان (٣/ ١٣).
(٢) ما بين المعقوفين سقط من قلم المصنّف، وقد استدركتُه من التفسير.