مسلم وغيره عن علي رضي الله عنه، أنه روى المسح على الخف عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولو ثبت عن ابن عباس، وعائشة ذلك لحمل على أن ذلك قبل بلوغهما جواز المسح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما بلغهما رجعا. وقد روى البيهقي معنى هذا عن ابن عباس.
وعلى الجملة المسألة غنية عن الإطناب في بسط أدلتها بكثرتها، والله أعلم.
وأما جواز المسح في الحضر: ففيه أحاديث كثيرة في الصحيح:
منها حديث حذيفة: قال: "كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فانتهى إلى سُبَاطة قوم فبال قائما، فتوضأ، فمسح على خفيه" رواه مسلم، وفي رواية للبيهقي "سباطة قوم بالمدينة" وعن علي رضي الله عنه "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل مسح الخفين ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوما وليلة للمقيم" رواه مسلم.
ومنها حديث خزيمة بن ثابت، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسح على الخفين "للمسافر ثلاث وللمقيم يوم" حديث صحيح رواه أبو داود، والترمذي، وغيرهما قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وحديث عوف بن مالك الأشجعي "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر في غزوة تبوك بالمسح على الخفين ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، وللمقيم يوم وليلة" قال البيهقي: قال الترمذي: قال البخاري: هذا الحديث حسن. اهـ كلام النووي في المجموع ج ١ ص ٤٧٦/ ٤٧٨.
وقد ذكر الحافظ أبو عمر بن عبد البر في كتابه التمهيد تحقيق مسألة المسح على الخفين بأدلتها، وأنا أسوق عبارته وإن كانت طويلة لما اشتملت عليه من الفوائد، والتحقيقات.