للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا ما كان كذبا، فإن أثبتوا لله ذلك كان كفرا باطلا خلاف مقصودهم، وخلاف إجماع الخلائق، إذ أحد لا يثبت لله كلاما لازما لذاته هو كذب، وإن لم يثبتوا ذلك لم يكن لهم طريق إلى إثبات الخبر النفساني بحال، لأنا حينئذ لم نلم وجود معنى نفسانيا صدقا غير العلم ونحوه لا شاهدا ولا غائبا" (١) .

الرابع: أنه الله تعالى قال: {فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} (الأنعام: من الآية٣٣) "فنفي عنهم التكذيب وأثبت الجحود، ومعلوم أالتكذيب باللسان لم يكن منتفيا عنهم، فعلم أنه نفي عنهم تكذيب القلب، ولو كان المكذب الجاحد علمه يقوم خبر نفساني لكانوا مكذبين بقلوبهم، فلما نفي عنهم تكذيب القلوب علم أن الجحود الذي هو ضرب من الكذب، والتكذيب بالحق المعلوم - ليس هو كذبا في النفس ولا تكذيبا فيها، وذلك يوجب أن العالم بالشيء لا يكذب به ولا يخبر في نفسه بخلاف علمه" (٢) ، وقد اعترض على هذا باعتراض أجاب عنه شيخ الإسلام (٣) .

ولشيخ الإسلام مناقشات وأوجه أخرى في الرد (٤) . وبهذه الأوجه يتبين أن ما ادعاه الأشاعرة من أن الخبر يغاير العلم غير صحيح بالنسبة لله، وإذا ثبت هذا تبين أن إثباتهم للكلام النفسي ليس شيئاً غير صفة العلم، فأين صفة الكلام التي أثبتوها مغايرة لصفة العلم؟.

ب أما بالنسبة لقولهم في مغايرة الأمر والنهي للإرادة بأن الله قد يأمر بما لا يريد، فقد أجاب شيخ الإسلام عن ذلك بأجوبة منها:

الأول: أنه احتج بإرادة الكائنات، وهذا في الإرادة الشاملة لكل موجود المنتفية عن كل معدوم وهي الإرادة الكونية القدرية، وهذه ليست الإرادة التي هي مدلول الأمر والنهي، لأن هذه مستلزمة للمحبة الرضا. وقد جاءت


(١) التسعينية (ص:١٦٢) ، وانظر (صك١٦٣) .
(٢) المصدر السابق (ص:١٦٥) .
(٣) انظر: المصدر نفسه (ص:١٦٥-١٦٦) .
(٤) انظر: المصدر نفسه (ص:١٦٦-١٦٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>