للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صحيفةٍ واحدة (١).

ج أن النهي خاص بمن خُشي منه الاتكال على الكتابة دون الحفظ، والإذن لمن أمن منه ذلك (٢)، وهناك أقوالٌ أخرى لكن ما ذُكر أشهرها وأوجهها.

* الشبهة الثالثة (٣): زعمهم بأن الله تكفل بحفظ القرآن دون السُّنَّة: واستدلوا بقوله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ *﴾ [الحجر].

تفنيد هذه الشبهة:

١ إن وعد الله بحفظ الذكر لا يقتصر على القرآن وحده؛ بل المراد به دين الله وشرعه، الذي بعث به رسوله ؛ فالذكر هنا يشمل الكتاب والسُّنَّة، وليس كما يظنه أصحاب هذه الدعوى بأنه القرآن وحده (٤).

٢ حفظ الله السُّنَّة بأن هيأ لها من أئمة العلم من يحفظها وينقلها ويميز صحيحها من دخيلها، لأجل ذلك بقيت سُنَّة رسولنا الكريم محفوظة مدونة في مصادرها، ولم يذهب منها شيء؛ لأن السُّنَّة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالقرآن، فحفظ السُّنَّة من حفظ القرآن (٥).

٣ لو فرضنا أن المحفوظ هو القرآن فقط كما ادّعوا، فإن الله تعالى قد حفظ أشياء كثيرة غير القرآن؛ كحفظ النبي من الكيد والقتل، وحفظه العرش والسماوات والأرض من الزوال إلى أن تقوم الساعة، فلا يُفهم من الحفظ الحصر وعدم حفظ ما عداه (٦).


(١) ذهب إلى هذا القول: الخطابي يُنظر: معالم السنن، (٤/ ١٨٤)، والخطيب البغدادي يُنظر: تقييد العلم (٩٣).
(٢) المحدث الفاصل بين الراوي والواعي، للرَّامَهُرْمُزِيِّ (٣٧٩ - ٤٠٢)، تقييد العلم، الخطيب البغدادي (٤٦).
(٣) يُنظر: مقام حديث (٧)، نقلاً من كتاب القرآنيون شبهاتهم حول السُّنَّة (٢٥٠).
(٤) السُّنَّة ومكانتها في التشريع، لمصطفى السباعي (١٨٠ - ١٨١) بتصرف، ويُنظر: حجية السُّنَّة، لعبد الغني عبد الخالق (٣٩٠ - ٣٩٢)، شبهات القرآنيين، لمحمود مزروعة (٨٣ - ٨٧).
(٥) المراجع السابقة.
(٦) يُنظر: حجية السُّنَّة، لعبد الغني عبد الخالق (٣٩٠).

<<  <   >  >>