للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تفنيد هذا الدفع الباطل ونقضه:

وهذا الدفع غير مقبول وفاسد؛ لعدة أسباب:

أولها: أن السُّنَّة القولية أصل للسُّنَّة العملية؛ إذ إن السنن العملية لم تبلغنا إلا عن طريق السنن القولية، فالسنن العملية لا تُدرك من مجرد رؤية النبي يصلي ويحج ويصوم ويزكي؛ بل لا بد من قوله وأمره بالعمل والاقتداء به.

فكيف يُستغنى عن أصل ثبتت به السُّنَّة العملية؟!

وذلك بدليل أنهم احتجوا بالحديثين السابق ذكرهما، وهما قوله : «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي»، وقوله: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ»، هذان الحديثان الأصل أنهما من السُّنَّة القولية لا من السُّنَّة العملية.

وأن الرسول لو لم يقل: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» ما ثبت شرعًا وجوب محاكاة صلاة الرسول .

ولو لم يقل: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» ما علمنا أن الأمة يجب أن تتأسى بأفعال النبي وأقواله في الحج، وإلا وقع الحج باطلاً لمخالفته كيفية حج النبي .

ثانيًا: على فرضية مشاهدة النبي يصلي صلاة العشاء من تكبيرة الإحرام إلى الخروج منها بالسلام.

فهل مجرد المشاهدة يميز لنا أركان الصلاة وشروطها وسننها، وما تبطل الصلاة بتركه وما لا تبطل.

وما يدرينا أنه كان يقول في ركوعه: «سبحان ربي العظيم» ثلاثًا، ويقول في سجوده: «سبحان ربي الأعلى» ثلاثًا، وأن لكل السنن العملية سننًا قولية، ليس في الصلاة وحدها بل في كل التكاليف، وبهذا يُرفض هذا الدفع الباطل (١).


(١) يُنظر: السُّنَّة ومكانتها في التشريع، لمصطفى السباعي (١٥٥ - ١٦٦)، شبهات القرآنيين، لمحمود مزروعة (٥٠ - ٥٦)، حجية السُّنَّة، لعبد الغني عبد الخالق (٣٨٣ - ٣٨٩)، الشبهات الثلاثون، لعبد العظيم المطعني (١٣١ - ١٣٧)، حقائق الإسلام في مواجهة شبهات المشككين (٣٩٧ - ٣٩٨)، القرآنيون شبهاتهم حول السُّنَّة، لخادم حسين إلهي بخش (٢١٠ - ٢١٣)، حجية السُّنَّة، لمحمد لطفي الصباغ (٢٩ - ٣٥).

<<  <   >  >>