للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فتكرار اعتمار النبي في شهر ذي القعدة ليس لأجل الشهر بعينه؛ وإنما لأجل ترسيخ جواز العمرة في أشهر الحج.

وكذلك بيّن الحافظ ابن حجر سبب تكرار الاعتمار في أشهر الحج؛ لإبطال ما كان عليه أهل الجاهلية، حيث إنهم كانوا يمتنعون عن أداء العمرة فيها (١)، ويعتقدون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور.

كما جاء عن ابن عباس قال: كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض (٢)، فاستحباب العمرة في أشهر الحج وخصوصًا ذو القعدة؛ مخالفةً وإبطالاً لاعتقاد جاهلي (٣)، ليس إلاّ.

إحياء شهر ذي الحجة بجمع من العبادات:

ورد في شهر ذي الحجة فضائل ومزايا تخصه دون غيره من الشهور، فمن تلك الفضائل:

أ أقسم الله بليالي العشر الأُول من ذي الحجة (٤)، في كتابه العزيز فقال : ﴿وَالْفَجْرِ *وَلَيَالٍ عَشْرٍ *﴾ [الفجر]، فإقسام الله بالعشر، يكفيها شرفًا وفضلاً، إذ العظيم لا يقسم إلا بعظيم (٥).

ب أفضل أيام الدنيا: قال رسول الله : «لَيْسَ مِنْ أَيَّامٍ أَفْضَلُ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ؛ يَعْنِي: أَيَّامَ الْعَشْرِ … » (٦).


(١) يُنظر: فتح الباري، لابن حجر (٣/ ٦٠٥).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الحج، باب التمتع والإقران والإفراد (٢/ ١٤٢/ ح ١٥٦٤)، كتاب مناقب الأنصار، باب أيام الجاهلية (٥/ ٤١/ ح ٣٨٣٢)، ومسلم في صحيحه، كتاب الحج، باب جواز العمرة فِي أشهر الحج (٤/ ٥٦/ ح ١٢٤٠)، وابن حبان في صحيحه، كتاب الحج، ذكر الإباحة للمعتمر أن يعتمر في ذي القعدة (٩/ ٨٠/ ح ٣٧٦٥).
(٣) يُنظر: تعليقات ابن عثيمين على الكافي، لابن قدامة (٣/ ٣٤٧).
(٤) يُنظر: تفسير القرآن العظيم، لابن كثير (٨/ ٣٩٠).
(٥) يُنظر: جامع البيان (٢٤/ ٤٠٢)، البحر المديد في تفسير القرآن المجيد، لأبي العباس الفاسي (٨/ ٤٥٥).
(٦) أخرجه البزار في مسنده، مسند ابن عباس ، ومما روى مجاهد عن ابن عباس (١١/ ١٨٦/ ح ٤٩٣٠)، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير (١/ ٢٥٣/ ح ١١٣٣).

<<  <   >  >>