وَهَذِه عِبَارَته: وَلَو حذفت الضَّمِير من جملَة الْحَال الْمُبْتَدَأ بِهِ واكتفيت بِالْوَاو جَازَ نَحْو: جَاءَ زيد وَعَمْرو حَاضر. وَلَو حذفت الْوَاو اكْتِفَاء بالضمير فَقلت: خرج أَخُوك يَده على وَجهه جَازَ كَقَوْلِه: نصف النَّهَار المَاء غامره وأعجب مِنْهُ قَول ابْن السَّيِّد فِي شرح شَوَاهِد أدب الْكَاتِب فِي جعله الْجُمْلَة حَالا وَصَاحب الْحَال غير مَذْكُور فِي هَذَا الْبَيْت بل هُوَ فِي بَيت قبل هَذَا بِأَبْيَات. وَهَذَا كَلَامه: جملَة المَاء غامره حَال وَكَذَلِكَ الْجُمْلَة الَّتِي بعْدهَا. وَكَانَ يَنْبَغِي أَن يَقُول: وَالْمَاء غامره فَيَأْتِي بواو الْحَال وَلكنه اكْتفى بالضمير مِنْهَا. وَلَو لم يكن فِي الجملتين عَائِد إِلَى صَاحب الْحَال لم يجز حذف الْوَاو.
وَأما صَاحب هَاتين الْحَالين فَلَيْسَ بمذكور فِي الْبَيْت وَلكنه مَذْكُور فِي الْبَيْت الَّذِي قبله وَهُوَ:
(كجمانة البحريّ جَاءَ بهَا ... غوّاصها من لجّة الْبَحْر. انْتهى)
وَأغْرب من هذَيْن الْقَوْلَيْنِ صَنِيع ابْن جني فِي سر الصِّنَاعَة فَإِنَّهُ حكم على هَذِه الْجُمْلَة بِأَنَّهُ لَا رابط مَعهَا. ثمَّ نقض كَلَامه بِجعْل الضَّمِير رابطاً للْحَال بصاحبها الْمَحْذُوف. وَهَذَا مَا سطّره: إِذا وَقعت الْجُمْلَة الاسمية بعد وَاو الْحَال كنت فِي تضمينها ضمير صَاحب الْحَال وَترك تضمينها إِيَّاه مُخَيّرا فَالْأول نَحْو جَاءَ زيد وَتَحْته فرس وَالثَّانِي جَاءَ زيد وَعَمْرو يقْرَأ. فَأَما إِذا لم يكن وَاو فَلَا بدّ من الضَّمِير نَحْو أقبل مُحَمَّد على رَأسه قلنسوة. وَإِذا فقدت جملَة الْحَال هَاتين الْحَالين انْقَطَعت مِمَّا قبلهَا وَلم يكن هُنَاكَ مَا يرْبط الآخر بِالْأولِ وعَلى هَذَا قَول الشَّاعِر: نصف النَّهَار المَاء غامره
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute