ويحرصون لذلك على الطواف في المطر، وهو فعل حسن، حتى إن البدر ابن جماعة طاف بالبيت سباحة، كلما حاذى الحجر غطس لتقبيله، وكذا اتفق لغيره من المكيين وغرهم، بل قال مجاهد: إن ابن الزبير ﵄ طاف سباحة. وقد جاء سيل طبق الأرض، وامتنع الناس من الطواف، وقد ذكره بهذا اللفظ الغزالي في الإحياء، بل عنده أيضاً فيمن طاف أسبوعاً خالياً حاسراً كان له كعتق رقبة، ولم يخرج مخرجه ثانيهما، وأما أوله فلابن ماجه من حديث أبي عقال قال: طفت مع أنس بن مالك في مطر، فلما قضيت الطواف أتينا المقام فصلينا ركعتين، فقال لنا أنس: ائتتنفوا العمل فقد غفر لكم، هكذا قال لنا رسول اللَّه ﷺ وطفنا معه في مطر، وفي لفظ غيره: من طاف بالكعبة في يوم مطير كتب اللَّه له بكل قطرة تصيبه حسنة، ومحا عنه بالأخرى سيئة، ويشهد لذلك كله كثرة الوارد في فضل مطلق الطواف والترغيب فيه، كحديث ابن عمر عند الترمذي وحسنه واللفظ له، وابن ماجه مرفوعاً: من طاف بهذا البيت أسبوعاً وأحصاه كان عتق رقبة، بل من المشهور أيضاً حديث: من طاف بالبيت سبعاً لا يتكلم إلا بسبحان اللَّه والحمد للّه ولا إله إلا اللَّه واللَّه أكبر ولا حول ولا قوة إلا باللَّه محيت عنه عشر سيئات، وكتبت له عشر حسنات، ورفع له به عشر درجات، ومن طاف فتكلم في تلك الحال خاض في الرحمة برجليه كخائض الماء برجليه، وقد أخرجه الطبراني في الأوسط، وابن ماجه، وسنده ضعيف، ومنه: من طاف حول البيت سبعاً في يوم صائف شديد حره، وحسر عن رأسه، وقارب بين خطاه، وقل التفاته، وغض بصره، وقل كلامه إلا بذكر اللَّه تعالى، واستلم الحجر في كل طواف، من غير أن يؤذي أحداً كتب اللَّه له بكل قدم يرفعها ويضعها سبعين ألف حسنة، ومحا عنه سبعين ألف سيئة، ورفع له سبعين ألف درجة، ويعتق عنه سبعين رقبة، ثمن كل رقبة عشرة آلاف درهم، ويعطيه اللَّه سبعين شفاعة، إن شاء في أهل بيته من المسلمين، وإن شاء في العامة، وإن شاء عجلت له في الدنيا، وإن شاء أخرت له في الآخرة، أخرجه الجندي في تاريخ مكة من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس به مرفوعاً، وفي رسالة الحسن البصري ومناسك ابن الحاج نحوه، وهو باطل.