للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(إِلاَّ أَنْ يُقَاتِلُوا)، فيجوز قَتْلُهم بغير خلافٍ (١)؛ لأِنَّ «النَّبيَّ قتل يوم قريظةَ امرأةً ألْقَت رحًى على محمود بن سلمة» (٢)، ورَوَى ابن عبَّاسٍ: أنَّ النَّبيَّ مرَّ على امرأةٍ مقتولةٍ يوم الخندق فقال: «مَنْ قتل هذه؟» فقال رجل: أنا، نازعتْني قائم سيفي، فسكتَ (٣)، ولأِنَّه لو لم يَجُزْ لأدَّى إلى تلف قاتله، زاد في «الفروع» وغيره: أو يحرِّضوا عليه.

وذكر في «المغني» و «الشَّرح»: أنَّ المرأة إذا انكشفت للمسلمين، وشتمتْهم رُمِيتْ قصدًا، وظاهر نصِّ الإمام والأصحاب خلافُه، ويتوجه: أنَّ حكم غيرها ممَّن منعْنا قتْلَه كهِيَ.

(فَإِنْ (٤) تَتَرَّسُوا بِهِمْ)؛ أي: بمن لا يجوز قتلُه؛ (جَازَ رَمْيُهُمْ)؛ لأِنَّه رماهم بالْمِنْجنِيق، وفيهم النِّساء والصِّبيان (٥)، ولأنَّ كفَّ المسلمين عنهم حينئِذٍ يُفضِي إلى تعطيل الجهاد، وسواءٌ كانت الحربُ قائمةً أو لا، (وَيَقْصِدُ الْمُقَاتِلَةَ)؛ لأِنَّه هو المقصود.

(وَإِنْ تَتَرَّسُوا بِالمُسْلِمِينَ؛ لَمْ يَجُزْ رَمْيُهُمْ)؛ لأِنَّ ذلك يَؤُولُ إلى قتل


(١) ينظر: الشرح الكبير ١٠/ ٧٢.
(٢) كذا في النسخ الخطية، وهو محمود بن مسلمة بن سلمة الأنصاري كما في الإصابة ٦/ ٣٥.
ولم نقف على هذه القصة المذكورة، وقد ذكر البيهقي في الكبرى (٩/ ١٤٠): أن محمود بن مسلمة قُتل بخيبر، ولم يُقتل يوم بني قريظة. وأخرج البيهقي (١٨١٠٩)، عن محمد بن إسحاق والواقدي: أنّ خلاَّد بن سويد بن ثعلبة الخزرجي دلت عليه فلانةُ -امرأةٌ من بني قريظة- رَحًا فشدخَت رأسه، فذُكر أن رسول الله قال: «له أجر شهيدين»، فقتلها رسول الله فيما ذُكر. قال البيهقي: (منقطع).
(٣) أخرجه الطبراني في الكبير (١٢٨٢)، وفي إسناده الحجاج بن أرطاة، وهو ضعيفٌ. وأخرجه أبو داود في المراسيل (٣٣٣) عن عكرمة مولى ابن عباس، وسنده صحيح مرسلاً. ينظر: إتحاف الخيرة ٥/ ١٧٠، التلخيص الحبير ٤/ ١٩٣.
(٤) في (أ): وإن.
(٥) تقدَّم تخريجه ٤/ ٤٤٣ حاشية (٥).