للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِنْ تَكُنِ الْمَنِيَّةُ أَقْصَدَتْهُ … وَحَمَّ عَلَيْهِ بِالتَّلَفِ القَضَاءُ

فَقَدْ أَوْدَى بِهِ كَرَمٌ وَخَيْرٌ … وَعَوْدٌ بِالفَضَائِلِ وَابْتِدَاءُ

وَالخَيْرُ: الكَرَمُ.

وَقَالَ عَدِيُّ بنُ زَيْدٍ (١): [مِنَ الوَافِرِ]

وَقَدَّمَتِ الأَدِيمَ لِرَاهِشَيْهِ … وَأَلْفَى قَوْلَهَا كَذِبًا وَمَيْنَا

وَهَذَا غَيْرُ مُحَصَّلٍ عِنْدِي، لِأَنَّ كَلَامَ اللهِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُلْغَى فِيهِ حَرْفٌ مِنَ الفَائِدَةِ مَعَ إِمْكَانِهَا، فَلَا بُدَّ مِنْ حَمْلٍ كُلِّ لَفْظٍ عَلَى مَعْنًى مُجَرَّدٍ (٢).

وَقَالُوا عَلَى قَوْلِهِ: ﴿قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا﴾ (٣) مَعْنَاهُ: اسْتَسْلَمْنَا خَوْفَ القَتْلِ.

وَهَذَا أَيْضًا لَيْسَ لَهُ حَاصِلٌ؛ لِأَنَّهُ سَوَاءٌ أَسْلَمُوا خَوْفًا مِنَ القَتْلِ، أَوْ مِنْ إِخْلَاصِ القَلْبِ، فَإِنَّا نُوقِعُ عَلَيْهِمُ اسْمَ الْمُسْلِمِينَ، وَلِهَذَا نُخَاطِبُهُمْ بِأُصُولِ الإِسْلَامِ وَفُرُوعِهِ.

وَبِهَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الإِسْلَام وَالإِيمَانِ، لأَنَّا لَا نَقُولُ: آمَنَ إِلَّا إِذَا كَانَ مُخْلِصًا لِوَجْهِ اللهِ وَنَقُولُ: أَسْلَمَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ خَالِصٍ، وَكَلِمَةُ الإِسْلَامِ تَجْمَعُ المُخْلِصَ فِي الظَّاهِرِ.


(١) نَسَبه إِلَيْهِ: الفَرَّاء في مَعَانِي القُرآن (١/ ٣٧)، وابنُ الأَنْباري في الزَّاهر في مَعَاني كلمات الناس (١/ ٦٢ - ٦٣)، وابن دُريدٍ في جمهرة اللغة (٢/ ٩٩٣).
(٢) ينظر للتَّوَسُّع في الجَوابِ عَن هذا كِتابُ الإِيمَانِ لِشَيْخِ الإِسْلَامِ ابن تَيْمِيَّة .
(٣) سورة الحُجُرَاتِ، الآية: (١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>