للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= فقد رواه ابن جرير كما سيأتي بإسناد صحيح إلى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ، لكن عبد الله لم يذكر عمن أخذه، ولاشك بأنه من الإسرائيليات التي تسمّح بعض السلف في روايتها، يدل عليه ذكره أن الذبيح هو إسحاق، بينما الصحيح الذي دلّت عليه نصوص الشرع أنه إسماعيل، وما أحسن ما قاله الحافظ ابن كثير - رحمه الله - في ((تفسيره)) (٤ / ص ١٤ وما بعدها) عند قوله تعالى: {فبشرناه بغلام حليم} الآية: (١٠٢) من سورة الصافات! حيث قال: ((وهذا الغلام هو إسماعيل عليه السلام؛ فإنه أول ولد بُشِّر به إبراهيم عليه السلام، وهو أكبر من إسحاق باتفاق المسلمين وأهل الكتاب، بل في نص كتابهم: أن إسماعيل وُلِدَ ولإبراهيم عليه السلام ست وثمانون سنة، وولد إسحاق وعمر إبراهيم عليه الصلاة والسلام تسع وتسعون سنة. وعندهم: أن الله تعالى أمر إبراهيم أن يذبح ابنه وحيده، وفي نسخة أخرى: بكْره، فأقحموا ها هنا كذبًا وبهتانًا "إسحاق"، ولا يجوز هذا لأنه مخالف لنص كتابهم، وإنما أقحموا إسحاق لأنه أبوهم، وإسماعيل أبو العرب، فحسدوهم فزادوا ذلك وحَرّفوا وحيدك بمعنى الذي ليس عندك غيره، فإن إسماعيل كان ذهب به وبأمه إلى مكة، وهذا تأويل وتحريف باطل، فإنه لا يقال وحيدك إلا لمن ليس له غيره، وأيضًا فإن أول ولد له معزّة ما ليس لمن بعده من الأولاد، فالأمر بذبحه أبلغ في الابتلاء والاختبار.
وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن الذبيح هو إسحاق، وحُكي ذلك عن طائفة من السلف، حتى نقل عن بعض الصحابة رضي الله عنهم أيضًا، وليس ذلك في كتاب ولا سنّة، وما أظن ذلك تلقي إلا عن أحبار أهل الكتاب وأخذ ذلك مسلّمًا من غير حجّة، وهذا كتاب الله شاهد ومرشد إلى أنه إسماعيل، فإنه ذكر البشارة بغلام حليم وذكر أنه الذبيح، ثم قال بعد ذلك: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} ، ولما بشرت الملائكة إبراهيم بإسحاق قالوا: {إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ} . وقال تعالى: {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} أي: يولد له في حياتهما ولد يسمى يعقوب، فيكون من ذريته =