للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعضهم (١): بل ذلك مِنْ رؤية العين لا رؤية المعرفة.

وقال جماعة (٢) من المتكلِّمين: بل خلقَ اللهُ إدراكًا في قَفَاهُ، وهي له خَرْق عادة وأعلام نبوّة، ويكون ذلك في مُدَّةٍ (٣)، فيكونُ قولُنا على ظاهِرِ ما قالَهُ - صلّى الله عليه وسلم -، وإن كان لا سبيلَ إلى كيفيته، وهو علم من أعلام النُّبُوَّةِ (٤)، وإنّما (٥) استنكرتِ المعتزلةُ هذا؛ لأنّ البِنْيَةَ عندهم شرطٌ في الإدراك مخصوصة، والردّ عليهم مستقصَى في كُتُب الأصول (٦).

تتميم (٧):

قال الأثرمُ: قلتُ لأحمد بن حنبل: قولُ النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -: "إنِّي أراكُم مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي" فقال: كان يرى مَنْ خَلْفَهُ كما يرى مَنْ بينَ يَدَيْهِ، فقلت له: إنّ إنسانًا قال لي: هو في ذلك كغيره، وإنّما كان يراهم كما ينظرُ الإمامُ عن يمينه وشمالِهِ. قال: فأنكر ذلك إنكارًا، شديدًا (٨).

وصحيحُ قول أحمد؛ أنّ النّبيَّ كان لا يلتفتُ في صلاته، وإنّما كانت هذه الخصيصة فيه معجزة.

وقد رَوَى مجاهد في قوله: {وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} (٩) قال: كان النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - يرى مَنْ خَلْفَهُ ممّن يسجد، كما يرى مَنْ أمامه في الصَّلاة (١٠).

حديث (١١) مالكٌ (١٢)، عن نافع، عن ابن عمر؛ أنّ رسولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - كان يَأْتِي قُبَاءً ماشيًا وراكِبًا.


(١) هذا القول من إضافات المؤلِّف على نصِّ ابن عبد البرّ.
(٢) مضمون هذه الفقرة مقتبسٌ من المعلم للمازري: ١/ ٢٦٦.
(٣) ويمكن أنّ تُقرَأ: "في مَرَّةٍ".
(٤) انظر تفسير الموطّأ للقنازعي: الورقة ٣٧.
(٥) هذه الفقرة من إضانات المؤلِّف على نصِّ المازري.
(٦) انظر نحو الفقرة السابقة في الآيات البينات لابن دحية الكلبي: ٣٨٨. وانظر اللفظ المكرّم بخصائص النَّبيِّ المعظم للخيضري: ٢/ ١٢٢.
(٧) هذا التتميم مقتبسٌ من الاستذكار: ٦/ ٢٧٤.
(٨) أخرجه الخلّال في السُّنَّة (٢١٧).
(٩) الشعراء: ٢١٩.
(١٠) أخرجه الطّبري في تفسيره: ١٩/ ١٣٤، والحميدي في مسنده (٩٦٢).
(١١) هو الحديث الثّالث.
(١٢) في الموطّأ (٤٦١) رواية يحيي.

<<  <  ج: ص:  >  >>