للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الثوّريّ يصلّي سِتًّا أو أربعًا (١).

وأمّا الرّكعتان بعد المغرب، فاختار العلماء أنّ تكون في البيت.

المسألة الرّابعة:

اختلفَ العلماءُ في تخصيصه الرَّكْعتَين بعد المغرب بالبَيْتِ على خمسة أقوال (٢):

الأوّل - قيل: لأنّها من صلاة اللّيل، وصلاةُ اللّيل مخصوصة بالبيت.

الثّاني - قيل: كان ينصرف إلى فطره، وتقديم الفطر أفضل من صلاة النّافلة.

الثّالث - قيل: إنّما كان ينصرف لينصرف أصحابه إلى عشائهم وراحتهم؛ لأنّه كان يشقُّ عليهم أنّ يتركوه في المسجد ويذهبوا عنه.

الرّابع - قيل: إنّما كان ينصرف إلى بيته ويخصُّه بالصَّلاة فيه في ذلك الوقت؛ لأنّه الوقت الّذي قال الله فيه: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} (٣) فكان يحبّ أنّ يجعل من صلاته في مضجعه في ذلك الوقت، وكذلك الرّكعتان بعد الجمعة كان يصلِّيهما في بيته (٤). وأمّا المأموم فيصلِّيهما حيث شاء.

الخامس - قيل: إنّما كان يصلِّيهما في ذلك الوقت؛ لأنّه وقت غفلة، وهو الوقت الّذي خرج فيه موسى خائفًا يترقّبُ (٥).

حديثٌ ثانٍ: مالك (٦)، عن أبي الزِّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة؛ أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - قال: "أتَرَوْنَ قِبْلَتِي هاهنا؟ فَوَاللهِ مَا يَخْفَى عَلَىَّ خُشُوعُكُمْ ولا رُكُوعُكُمْ، إنِّي لأَرَاكُم مِن وَراءِ ظَهْرِي".


(١) انظر مختصر اختلاف العلماء: ١/ ٣٤١.
(٢) انظرها في القبس: ١/ ٣٦٦ - ٣٦٧.
(٣) السّجدة: ١٦
(٤) زاد المؤلِّف في القبس: "وكذلك قال علماؤنا: يصلِّي الإمام يوم الجمعة الرّكعتين في بيته".
(٥) يقول البوني في تفسير الموطّأ: ٣٢/ ب "إنّما فعل [الرسول - صلّى الله عليه وسلم -]، ذلك -والله أعلم-؛ لأنّ الرَّكعتين قُصِرَتا من أجل الخُطْبَةِ، فترك التَّنَفّل قَبُولًا للرُّخصة، إذ لو تنفّل لم يقصر من الصَّلاة شيئًا. وقيل: إنّما اسَتحبّ أنّ لا يتنفّل يوم الجمعة في المسجد بعد الصّلاة؛ لأنّ النّاس مأمورون بالسَّعْي إلى الجمعة والاتيان إليها، فاستحبّ ترك التنفّل بعدها لئلّا يظنّ ظانٌّ ويتوهّم متوهّم أنّ الأمر في التَّنَفّل فيها كوجوب الصَّلاة في -أعني صلاة الجمعة- فاستحبّ ترك التَّنَفّل ليعلم النّاس أنّ ترك التنفُّل بإثرها مباحٌ، وليلحقوا بأشغالهم، ومنه من له مريض فيلحق به".
(٦) في الموطّأ (٤٦٠) رواية يحيى.

<<  <  ج: ص:  >  >>