للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورخَّصَ فيها آخَرُونَ لحديث ابن عبّاس؛ أنّ رسولَ الله - صلّى الله عليه وسلم -كان يُطِيل القراءةَ في الرَّكعتين بعد المغربِ حتَّى يفترق أهل المسجد (١).

المسألة الثّانية (٢): في المعمول من هذه الأحاديث

قال الإمام (٣): والّذي عليه العلماءُ؛ أنّه لا بأس بالتَّطَؤُع في المسجد لمن شاء، إلَّا أنّهم مجتمعون على أنّ صلاةَ النَّافلةِ في البيوت أفضلُ، لقوله صلّى الله عليه: "صلاةُ المرءِ في بيته أفضلُ من صلاته في مسجدي هذا (٤) إلَّا المكتوبة" (٥).

المسألة الثّالثة (٦):

أمّا قوله (٧): "وكان لا يُصَلِّي بعدَ الجُمُعَةِ حتَّى يَنْصَرِفَ" فإنَّ الفقهاء اختلفوا في ذلك - أعني التَّطوُّعُ بعد الجمعة خاصّة -:

فقال مالكٌ (٨): "ينبغي للإمام إذا سلَّمَ منَ الجمعة أنّ يدخُلَ منزله ولا يركع في المسجد، ويركع الرَّكعتيَنِ في بيته إنّ شاءَ"، على حسب ما رواه في ذلك.

قال (٩): "وأمّا مَنْ خَلْف الإمام، فأحبُّ إلَيَّ أنّ ينصرفُوا أيضًا ولا يركعوا في المسجد، وإن ركعوا فذلك واسعٌ".

وقال الشّافعيّ: ما أكثرَ المُصَلِّي التَّطَوُّعُ بعد الجمعةِ فهو أحبُّ إلَيَّ (١٠).

وقال أبو حنيفة: يصَلِّي أربعًا. وقال في موضع آخر: يُصَلِّي ما شاءَ (١١).


= والنسائي: ٣/ ١٩٨، وابن خُزَيْمَة (١٢٠١) من حديث كعب بن عُجْرَة.
(١) أخرجه أبو داود (١٣٠١) ومن طريقه البيهقي: ٢/ ١٨٩.
(٢) هذه المسألة مقتبسة من الاستذكار: ٦/ ٢٦٨، ما عدا ترجمة المسألة فهي من إنشاء المؤلِّف.
(٣) الكلام موصول لابن عبد البرّ.
(٤) "هذا" زيادة من الاستذكار ومصادر الحديث.
(٥) أخرجه أبو داود (١٠٤٤) من حديث زيد بن ثابت، وأخرجه أيضًا البخاريّ في التاريخ الكبير: ١/ ٢٩١، والطحاوي في شرح معاني الآثار: ١/ ٣٥٠، والطّبراني في الكبير (٤٨٩٣)، والأوسط (٤١٧٨)، والصغير (٥٤٤)، وتمام الرازي في فوائده (٦٠)، وابن عبد البرّ في التمهيد: ٨/ ١١٦.
(٦) هذه المسألة مقتبسة من الاستذكار: ٦/ ٢٦٨، وانظر العارضة: ٢/ ٢٢٥ - ٢٢٦.
(٧) أي قول ابن عمر في حديث الموطّأ (٤٥٩) رواية يحيى.
(٨) في المدوّنة: ١/ ١٤٧ في خطبة الجمعة والصّلاة.
(٩) القائل هو الإمام مالكٌ في المدونة: ١/ ١٤٧.
(١٠) انظر قول الشّافعيّ في مختصر اختلاف العلماء: ١/ ٣٤٢.
(١١) انظر كتاب الأصل: ١/ ١٥٨، ومختصر الطحاوي: ٣٦، ومختصر اختلاف العلماء: ١/ ٣٤١،
والمبسوط: ١/ ١٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>