فأما من فعل الشيء واتفق أن الغير فعله أيضًا ولم يأخذه أحدهما عن صاحبه ففي كون هذا تشبهًا نظر، لكن قد ينهى عن هذا لئلا يكون ذريعة إلى التشبه ولما فيه من المخالفة.
٨٤ - قال حرب الكرماني: قلت لأحمد: هذه النعال الغلاظ قال: " هذه السندية إذا كانت للوضوء أو للكنيف أو لموضع ضرورة فلا بأس "(١) وكأنه كره أن يمشى بها في الأزقة، وفي رواية المروذي: قال: وأما من أراد الزينة فلا، ورأى على باب المخرج نعلًا سنديًا فقال: تتشبه بأولاد الملوك؟
٨٧ - وهذا دليل على ما أجمع عليه المسلمون إلا من شذ من بعض المتأخرين المخالفين المسبوقين بالإجماع من أن مواقيت الصوم والفطر والنسك إنما تكون بالرؤية عند إمكانها لا بالكتاب والحساب الذي تسلكه الأعاجم من الروم والفرس والقبط والهند وأهل الكتاب من اليهود والنصارى، وقد روى غير واحد من أهل العلم أن أهل الكتابين قبلنا إنما أمروا بالرؤية أيضًا في صومهم وعبادتهم، ولكنهم بدلوا, قلت: ويؤيده قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} ، والناس كلمة عامة وقوله تعالى:{هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ} ، وقوله تعالى:{إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} . وقد أجمعوا على أن المراد بها الأشهر الهلالية.
(١) مسائل الإمام أحمد للنيسابوري جـ ٢ (ص ١٤٥-١٤٧) .