للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فأطاعوه ودخلوا معه الكوفة ومعهم رئيساهم المذكوران، ثم أشاعوا أن عليًا تاب من الحكومة ولذلك رجعوا معه، فبلغ ذلك عليًا فخطب وأنكر ذلك، فتنادوا من جانب المسجد: لا حكم إلا لله، فقال: كلمة حق يراد بها باطل، فقال لهم: لكم علينا ثلاث أن لا نمنعكم من المساجد، ولا من رزقكم من الفيء، ولا نبدأكم بقتال ما لم تحدثوا فسادًا (١)، وخرجوا شيئًا بعد شيء إلى أن اجتمعوا بالمدائن، فراسلهم علي في الرجوع فأصروا على الامتناع حتى يشهد على نفسه بالكفر لرضاه بالتحكيم ويتوب، ثم راسلهم أيضًا فأرادوا قتل رسوله ثم اجتمعوا على أن من لا يعتقد معتقدهم يكفر ويباح دمه وماله وأهله، واستعرضوا الناس فقتلوا من اجتاز بهم من المسلمين، ومر بهم عبد الله بن خباب بن الأرت (٢) واليًا


= بحروراء، فبعث إليهم عبد الله بن عباس فرجع ولم يصنع شيئًا، فخرج إليهم علي فكلمهم حتى وقع الرضا بينه وبينهم، فدخلوا الكوفة فأتاه رجل فقال: إن الناس قد تحدثوا أنك رجعت لهم عن كفرك، فخطب الناس في صلاة الظهر، فذكر أمرهم فعابه، فوثبوا من نواحي المسجد يقولون: لا حكم إلا لله، واستقبله رجل منهم واضع إصبعيه في أذنيه فقال: ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٦٥)﴾ [الزمر: ٦٥]، فقال علي: ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ (٦٠)﴾ [الروم: ٦٠].
إسناده حسن.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (١٥/ ٣١٣) ولفظه: "ولما وقع الرضا بالتحكيم ورجع علي إلى الكوفة اعتزلت الخوارج بحروراء … الخبر".
(١) أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف" (١٥/ ٣٢٧) عن كثير بن نمير قال: بينا أنا في الجمعة، وعلي بن أبي طالب على المنبر إذ جاء رجل فقال: لا حكم إلا لله، ثم قام آخر فقال: لا حكم إلا لله، ثم قاموا من نواحي المسجد يحكِّمون الله؟ فأشار عليهم بيده: اجلسوا، نعم: لا حكم إلا لله، كلمة حق يبتغى بها باطل. حكم الله ينتظر فيكم. الآن لكم عندي ثلاث خلال ما كنتم معنا: لن نمنعكم مساجد الله أن يذكر فيها اسمه، ولا نمنعكم فيئًا ما كانت أيديكم مع أيدينا، ولا نقاتلكم حتى تقاتلوا. ثم أخذ في خطبته". إسناده حسن.
(٢) أخرج الطبري (٥/ ٨١) من طريق أيوب عن حميد بن هلال عن رجل من عبد القيس كان من الخوارج ثم فارقهم، قال: دخلوا قرية فخرج عبد الله بن خباب صاحب رسول الله ذَعِرًا يجرّ رداءه، فقالوا: لم تُرَع؟ فقال: والله لقد ذعرتموني! قالوا: أأنت عبد الله بن خباب صاحب رسول الله ؟ قال: نعم. قالوا: فهل سمعت من أبيك حديثًا يحدث به عن رسول الله أنه ذكر فتنة القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، =

<<  <  ج: ص:  >  >>