أبيك، وهو بنفسه أحسن قدماً منك في الإسلام، فقال: والله إن لي في الإسلام قدماً ولغيري كان أحسن قدماً مني، ولكنه ليس في زماني أحد أقوى على ما أنا فيه مني، ولقد رأى ذلك عمر بن الخطاب، فلو كان غيري أقوى مني لم يكن لي عند عمر هوادة ولا لغيري، ولم أحدث من الحدث ما ينبغي لي أن أعتزل عملي، ولو رأى ذلك أمير المؤمنين وجماعة المسلمين لكتب إلي بخط يده، فاعتزلت عمله، ولو قضى الله أن يفعل ذلك لرجوت ألا يعزم له على ذلك إلا وهو خير، فمهلاً فإن في ذلك وأشباهه ما يتمنى الشيطان، ويأمر، ولعمري، لو كانت الأمور تقضي على رأيكم وأمانيكم ما استقامت الأمور لأهل الإسلام يوماً ولا ليلة، ولكن الله بقضيها، ويدبرها، وهو بالغ أمره، فعادوا الخبر، وقولوه.
فقالوا: لست لذلك أهلاً، فقال: أما والله إن لله لسطوات ونقمات، وإني لخائف عليكم أن تتابعوا في مطاوعة الشيطان حتى تحلكم مطاوعة الشيطان ومعصية الرحمن دار الهوان من نقم الله في عاجل الأمر، والخزي الدائم في الآجل.
فوثبوا عليه، فأخذوا برأسه ولحيته، فقال: مه، إن هذه ليست بأرض الكوفة، والله لو رأى أهل الشام ما صنعتم بي وأنا إمامهم ما ملكت أن أنهاهم عنكم حتى يقتلوكم، فلعمري إن صنيعكم ليشبه بعضه بعضاً، ثم أقام من عندهم، فقال: والله لا أدخل عليكم مدخلاً ما بقيت.