وخاصتي، وقد عرفت قريش أن أبا سفيان كان أكرمها وابن أكرمها، إلا ما جعل الله لنبيه نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم، فإن الله انتخبه وأكرمه، فلم يخلق في أحد من الأخلاق الصالحة شيئاً إلا أصفاه الله بأكرمها وأحسنها، ولم يخلق من الأخلاق السيئة شيئاً في أحد إلا أكرمه الله عنها ونزهه، وإني لأظن أن أبا سفيان لو ولد الناس لم يلد إلا حازماً، قال صعصعة: كذبت، قد ولدهم خير من أبي سفيان، من خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا له، فكان فيهم البر والفاجر، والأحمق والكيِّس.
فخرج تلك الليلة من عندهم، ثم أتاهم القابلة، فتحدث عندهم طويلاً، ثم قال: أيها القوم، ردوا عليَّ خيراً أو اسكتوا، وتفكروا، وانظروا فيما ينفعكم، وينفع أهليكم، وينفع عشائركم، وينفع جماعة المسلمين، فاطلبوه تعيشوا ونعش بكم، فقال صعصعة: لست بأهل ذلك ولا كرامة لك أن تطاع في معصية الله.
فقال: أوليس ما ابتدأتكم به أن أمرتكم بتقوى الله وطاعته وطاعة نبيه صلى الله عليه وسلم وأن تعتصموا بحبله جميعاً ولا تفرقوا؟ قالوا: بل أمرت بالفرقة وخلاف ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فإني آمرك الآن، إن كنت فعلت فأتوب إلى الله، وآمركم بتقواه وطاعته وطاعة نبيه صلى الله عليه وسلم ولزوم الجماعة، وكراهة الفرقة، وأن توقروا أئمتكم، وتدلوهم على كل حسن ما قدرتم، وتعظوهم في لين ولطف في شيء إن كان منهم.
فقال صعصعة: فإنا نأمرك أن تعتزل عملك، فإن في المسلمين من هو أحق به منك، قال: من هو؟ قال: من كان أبوه أحسن قدماً من