للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك؟ قال: نعم إن الشيء إذا كان لا يدرك فالحكم فيه أحوطه وأعمه نفعاً قال: فما حالنا وحالهم إن ابتلينا غداً؟ قال: إني لأرجو ألا يقتل أحد نقى قلبه لله إلا أدخله الله الجنة"١.

وروى ابن سعد بإسناده إلى محمد بن علي ـ المعروف بابن الحنفية ـ قال: قال علي: إني لأرجو أن أكون وطلحة والزبير من الذين قال الله ـ عز وجل ـ: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} ٢.

كما شهد رضي الله عنه بالحسنى للقتلى من الفريقين في موقعة صفين:

فقد روى ابن أبي شيبة بإسناده إلى يزيد بن الأصم قال: سئل علي عن قتلى يوم صفين فقال: قتلانا وقتلاهم في الجنة"٣.

وشهادة علي رضي الله عنه للقتلى من الفريقين بالجنة شهادة حق وصدق لأن الباري ـ جل وعلا ـ أخبر بأنه وعد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة ووعده ـ سبحانه ـ حق وصدق لا خلف فيه.

قال تعالى: {لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} ٤ فالخطاب في هذه الآية الكريمة موجه لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والوعد فيها بالجنة لجميعهم رضي الله عنهم فكل من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم بنية صادقة ولو ساعة واستمر على الإيمان حتى مات فإنه من أهل الجنة لا يدخل النار لتعذيب إلا أن الذين أسلموا من بعد الفتح وقاتلوا لا يلحقون من أسلم وقاتل قبل الفتح في المرتبة وعلو الدرجة وكلاً وعد الله الجنة ورضي عنهم ومن كمال ورع علي


١ـ تاريخ الأمم والملوك ٤/٤٩٦، الكامل لابن الأثير ٣/٣٣٧-٣٣٨، البداية والنهاية ٧/٢٦١.
٢ـ الطبقات الكبرى لابن سعد ٣/١١٣، والبيهقي في الاعتقاد ص/١٩٥ والآية رقم ٤٧ من سورة الحجر.
٣ـ المصنف ١٥/٣٠٣ وأورده الذهبي في كتابه "سير أعلام النبلاء" ٣/١٤٤.
٤ـ سورة الحديد آية/١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>