للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاء الحسن فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين" ١.

ففي هذا الحديث شهادة من النبي صلى الله عليه وسلم بإسلام الطائفتين أهل العراق وأهل الشام والحديث فيه رد واضح على الخوارج الذين كفروا علياً ومن معه ومعاوية ومن معه بما تضمنه الحديث من الشهادة للجميع بالإسلام ولذا كان يقول سفيان ابن عيينة: "قوله فئتين من المسلمين يعجبنا جداً" قال البيهقي: وإنما أعجبهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم سماهما جميعاً مسلمين وهذا خبر من رسول الله صلى الله عليه وسلم بما كان من الحسن بن علي بعد وفاة علي في تسليمه الأمر إلى معاوية بن أبي سفيان"٢.

فهذه الثلاثة الأحاديث المتقدم ذكرها كلها فيها الإشارة إلى أهل العراق الذين كانوا مع علي وإلى أهل الشام الذين كانوا مع معاوية بن أبي سفيان وقد وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم من أمته٣.

كما وصفهم بأنهم جميعاً متعلقون بالحق لم يخرجوا عنه كما شهد لهم صلى الله عليه وسلم بأنهم مستمرون على الإيمان ولم يخرجوا عنه بسبب القتال الذي حصل بينهم وقد دخلوا تحت عموم قوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} ٤ وقد قدمنا أن مدلول الآية ينتظمهم رضي الله عنهم أجمعين فلم يكفروا ولم يفسقوا بقتالهم بل هم مجتهدون متأولون وقد بين الحكم في قتالهم ذلك علي رضي الله عنه فقد شهد للفريقين بالحسنى فقد روى ابن جرير الطبري أن علياً لما وصل البصرة خطب الناس فقام إليه أبو سلامة الدالاني فقال: أترى لهؤلاء القوم حجة فيما طلبوا من هذا الدم إن كانوا أرادوا الله ـ عز وجل ـ بذلك قال: نعم قال: فترى لك حجة بتأخيرك


١ـ صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري ١٣/٦١.
٢ـ الاعتقاد للبيهقي ص/١٩٨، وانظر فتح الباري ١٣/٦٦.
٣ـ في صحيح مسلم ٢/٧٤٦ "تكون في أمتي فرقتان فيخرج من بينهما مارقة يلي قتلهم أولاهم بالحق".
٤ـ سورة الحجرات آية/٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>