للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرأي مخدوع في القول كما وصفوه بأنه كان على جانب كبير من الغفلة"١.

ولذلك خدعه عمرو بن العاص في قضية التحكيم حيث اتفقا على خلع الرجلين فخلعهما أبو موسى واكتفى عمرو بخلع علي دون معاوية كل هذه الصفات الذميمة يحاول المغرضون إلصاقها بهذين الرجلين العظيمين اللذين اختارهما المسلمون ليفصلا في خلاف كبير أدى إلى قتل الآلاف من المسلمين وكل ذي لب يعلم أن المسلمين لا يسندون الفصل في هذا الأمر إلى أبي موسى وعمرو بن العاص رضي الله عنهما إلا لعلمهم بما هما عليه من الفضل، وأنهما من خيار الأمة المحمدية ومن أكثرهم ثقة وورعاً وأمانة فكيف يصف الغافلون هذين الرجلين بما وصفوهما به من المكيدة والخداع وضعف الرأي والغفلة، ولكن تلك الأوصاف هي أليق بمن تفوه بها من أهل الأهواء، وقد تجاهل أولئك الواصفون لأبي موسى وعمرو بما تقدم ذكره أموراً لو دققوا النظر فيها لاستحيوا من ذكر تلك الأوصاف وتلك الأمور هي:

الأمر الأول: أنهم تجاهلوا أن معاوية لم يكن خليفة ولا هو ادعى الخلافة يومئذ حتى يحتاج عمرو إلى خلعها عنه أو تثبيتها له.

الأمر الثاني:

أن سبب النزاع هو أخذ الثأر لعثمان رضي الله عنه من قتلته فلما طلب علي البيعة من معاوية "اعتل بأن عثمان قتل مظلوماً وتجب المبادرة إلى الاقتصاص من قتلته وأنه أقوى الناس على الطلب بذلك والتمس من علي أن يمكنه منهم ثم يبايع له بعد ذلك"٢ ومعنى هذا أن معاوية كان مسلماً لعلي بالخلافة لأنه طلب منه بوصفه الخليفة تسليم القتلة، أو إقامة الحد عليهم باعتباره أمير المؤمنين، وكان


١ـ انظر تاريخ الطبري ٥/٧٠، الكامل ٣/٣٣٢-٣٣٣، مروج الذهب ٢/٦٨٤-٦٨٥.
٢ـ فتح الباري ١٢/٢٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>