١٥ - الآيات الدالة على أنهم إنما يريدون من الأصنام الشفاعة والتقريب فقط، ومن تلك الآيات ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ [الزمر: ٣]. ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ [يونس: ١٨]، ﴿فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً﴾ [الأحقاف: ٢٨]، ﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ﴾ [الزمر: ٤٣].
١٦ - الآيات الدالة على أنهم يعبدون الله تعالى ويعبدون معه آلهة أخرى، فمن تلك الآيات قول الله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (٢٦) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي﴾ [الزخرف: ٢٦، ٢٧]. وقوله تعالى: ﴿قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٧٥) أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (٧٦) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء: ٧٥ - ٧٧]. وقوله تعالى: ﴿وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ﴾ [الكهف: ١٦].
فالاستثناء في هذه الآيات يدل على أنهم يعبدون الله تعالى مع عبادتهم للآلهة، وهذا هو الذي أوجب الاستثناء وإلا فلو كانوا لا يعبدون الله فضلًا عن كونهم يعتقدون ربوبيتها فلا حاجة إلى هذا الاستثناء.
والخلاصة أن القرآن الكريم قد دل دلالة قطعية وصريحة على أن المشركين لم يكونوا يشركون في الربوبية وإنما كان شركهم في الألوهية ومع هذه الدلالة الواضحة أنكر ذلك بعضهم فلهذا نتبع هذا بالإشارة إلى أقوال العلماء الذين ذكروا ذلك، وقبل ذلك نذكر بعض الأدلة من غير القرآن فنقول وبالله التوفيق:
ومما يدل على أن المشركين يعترفون بتوحيد الربوبية، ما وجد في حكاياتهم وقصصهم من اعتقادهم بالربوبية ويشهد بذلك أشعارهم وما نقل عن حكمائهم وحنفائهم كخطب قس بن ساعدة وزيد بن عمرو وأبي ذر الغفاري قبل إسلامه (١).
(١) انظر أخبار هؤلاء الحنفاء في سيرة ابن إسحاق رواية يونس: ١١٥ - ١١٩، وحجة الله البالغة: ١/ ١٢٤ - ١٢٧.