للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ﴾ [فاطر: ٤٠]. فالاستفهام في هذه الآيات استفهام تقرير لهم لأنهم به مقرون (١).

وقوله تعالى: ﴿قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ﴾ [الزمر: ٣٨]، قال مقاتل في تفسير هذه الآية: فسألهم النبي فسكتوا أي لأنهم لا يعتقدون ذلك فيها، وإنما كانوا يدعونها على معنى أنها وسائط وشفعاء عند الله لا لأنهم يكشفون الضر، ويجيبون دعاء المضطر، فهم يعلمون أن ذلك لله وحده كما قال تعالى: ﴿ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (٥٣) ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ﴾ (٢) [النحل: ٥٣، ٥٤].

ومن تلك الآيات قوله تعالى: ﴿أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ﴾ [الرعد: ١٦]. قال شيخ الإسلام: "وهذا استفهام إنكار بمعنى النفي، أي ما جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه، فإنهم مقرون أن آلهتهم لم يخلقوا كخلقه وإنما كانوا يجعلونهم شفعاء ووسائط" (٣).

١٤ - الآيات التي تدل (٤) على أن المشركين إنما أنكروا على الرسل الدعوة إلى إفراد الله بالعبادة لا أصل العبادة ولا الإقرار بالربوبية، منها قوله تعالى في قصة هود: ﴿أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ﴾ [الأعراف: ٧٠]، وقول قريش: ﴿أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا﴾ [ص: ٥]، ﴿وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ. . .﴾ [الزمر: ٤٥]، ﴿وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا﴾ [الإسراء: ٤٦].


(١) تطهير الاعتقاد للصنعاني: ٧، ومجموعة الرسائل والمسائل النجدية: ٦٧١، والدر النضيد: ١٧.
(٢) تفسير أبي حيان، البحر المحيط:، وعنه في القول النفيس: ١٠٢ - ١٠٣.
(٣) قاعدة التوسل: ١٢٤، وضمن الفتاوى: ١/ ٣١١.
(٤) انظر الإشارة إلى هذا في تطهير الاعتقاد: ١٢ - ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>